الإجماع على ما نقله أبو عمر بن عبد البرّ وغيره. وروى الطحاوي عن أبي يوسف : أن الأيام المعلومات : أيام النحر ، قال : لقوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) (١) وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات : أيام النحر الثلاثة ، يوم الأضحى ، ويومان بعده. قال الكيا الطبري : فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات ، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف. وروي عن مالك أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام : يوم النحر ، وثلاثة أيام بعده ، فيوم النحر : معلوم غير معدود ، واليومان بعده : معلومان معدودان ، واليوم الرابع : معدود لا معلوم ، وهو مرويّ عن ابن عمر. وقال ابن زيد : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة ، وأيام التشريق. والمخاطب بهذا الخطاب المذكور في الآية ، أعني : قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) هو الحاجّ وغيره ، كما ذهب إليه الجمهور ؛ وقيل : هو خاص بالحاجّ. وقد اختلف أهل العلم في وقته ، فقيل : من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق ؛ وقيل : من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر النحر ، وبه قال أبو حنيفة ؛ وقيل : من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، وبه قال مالك والشافعي. قوله : (فَمَنْ تَعَجَّلَ) الآية ، اليومان هما : يوم ثاني النحر ؛ ويوم ثالثه. وقال ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والنخعي : من رمى في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج ، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج ؛ فمعنى الآية كل ذلك مباح ، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا ، لأن من العرب من كان يذمّ التأخر ، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك. وقال علي ، وابن مسعود : معنى الآية : من تعجل فقد غفر له ، ومن تأخر فقد غفر له ، والآية قد دلت على أن التعجل والتأخر مباحان. وقوله : (لِمَنِ اتَّقى) معناه أن التخيير ورفع الإثم ثابت لمن اتقى ، لأن صاحب التقوى يتحرّز عن كل ما يريبه ، فكان أحق بتخصيصه بهذا الحكم. قال الأخفش : التقدير ذلك لمن اتقى ؛ وقيل : لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي ؛ وقيل : لمن اتقى قتل الصيد ، وقيل : معناه : السلامة لمن اتقى ؛ وقيل هو متعلق بالذكر ، أي : الذكر لمن اتقى. لأن صاحب التقوى يتحرّز عن كل ما يريبه ، فكان أحق بتخصيصه بهذا الحكم. قال الأخفش : التقدير ذلك لمن اتقى ؛ وقيل : لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي ؛ وقيل : لمن اتقى قتل الصيد ، وقيل : معناه : السلامة لمن اتقى ؛ وقيل هو متعلق بالذكر ، أي : الذكر لمن اتقى.
وقد أخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن عائشة قالت : كانت قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة ، وكانوا يسمون : الحمس ، وكانت سائر العرب يقفون بعرفات ، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه أن يأتي عرفات ؛ ثم يقف بها ؛ ثم يفيض منها ، فذلك قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ). وأخرجا أيضا عنها موقوفا نحوه. وقد ورد في هذا المعنى روايات عن الصحابة والتابعين. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى سماء الدنيا في الملائكة ، فيقول لهم : عبادي آمنوا بوعدي ، وصدّقوا برسلي ما جزاؤهم؟ فيقال : أن تغفر لهم ، فذلك قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). وقد وردت أحاديث كثيرة في المغفرة لأهل عرفة ، ونزول الرحمة عليهم ، وإجابة دعائهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) قال : حجكم. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد في قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) قال : إهراق الدماء (فَاذْكُرُوا
__________________
(١). الحج : ٢٨.