قرأها كما قرأها ابن عباس. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف أن ابن مسعود قرأها كذلك. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس قال : إنما سمي : عرفات ، لأن جبريل كان يقول لإبراهيم عليهالسلام حين رأى المناسك عرفت. وأخرج مثله ابن أبي حاتم عن ابن عمر. وأخرج مثله عبد الرزاق ، وابن جرير عن عليّ. وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن ابن عمر أنه سئل عن المشعر الحرام فسكت ، حتى إذا هبطت أيدي الرواحل بالمزدلفة قال : هذا المشعر الحرام. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عنه أنه قال : المشعر الحرام : المزدلفة كلها. وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في سننه ، عنه قال : هو الجبل وما حوله. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه قال : ما بين الجبلين الذي بجمع مشعر. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن الزبير في قوله : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) قال : ليس هذا بعام ، هذا لأهل البلد ؛ كانوا يفيضون من جمع ؛ ويفيض سائر الناس من عرفات ، فأبى الله لهم ذلك ، فأنزل : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ). وأخرج عبد حميد عن سفيان في قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ) قال : من قبل القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) قال : لمن الجاهلين.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣))
قيل : الخطاب في قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا) للحمس من قريش ، لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات ، بل كانوا يقفون بالمزدلفة ، وهي من الحرم ، فأمروا بذلك ـ وعلى هذا تكون ثم لعطف جملة على جملة لا للترتيب ـ وقيل : الخطاب لجميع الأمة ، والمراد بالناس : إبراهيم ، أي : ثم أفيضوا من حيث أفاض إبراهيم ، فيحتمل أن يكون أمرا لهم بالإفاضة من عرفة ، ويحتمل أن يكون إفاضة أخرى وهي التي من المزدلفة ، وعلى هذا تكون ثم على بابها ، أي : للترتيب. وقد رجّح هذا الاحتمال الأخير ابن جرير الطبري ، وإنّما أمروا بالاستغفار لأنهم في مساقط الرحمة ، ومواطن القبول ، ومظنات الإجابة ـ وقيل : إن المعنى : استغفروا للذي كان مخالفا لسنة إبراهيم ، وهو وقوفكم بالمزدلفة دون عرفة. والمراد بالمناسك : أعمال الحج ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «خذوا عنّي مناسككم» أي : فإذا فرغتم من أعمال الحجّ فاذكروا الله ؛ وقيل : المراد بالمناسك : الذبائح ، وإنما قال سبحانه (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) لأن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم يقفون عند الجمرة