شعب الإيمان ، عن أبي الضحى قال : لما نزلت : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) عجب المشركون وقالوا : إن محمدا يقول (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فليأتنا بآية إن كان من الصادقين ، فأنزل الله : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عطاء نحوه. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان ، قال : الليل موكل به ملك يقال له شراهيل ، فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلّاها من قبل المغرب ، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين ، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة ، فإذا غربت جاء الليل ، فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء ، فيعلقها من قبل المطلع ، فإذا رآها شراهيل مدّ إليه خرزته ، وترى الشمس الخزرة البيضاء ، فتطلع ، وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها ، فإذا طلعت جاء النهار (١). وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : (وَالْفُلْكِ) قال : السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال : (بَثَ) خلق. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) قال : إذا شاء جعلها رحمة لواقح للسحاب ، وبشرا بين يدي رحمته ، وإذا شاء جعلها عذابا ريحا عقيما لا تلقح. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة ، وكل شيء في القرآن من الريح فهي عذاب. وقد ورد في النهي عن سبّ الريح وأوصافها أحاديث كثيرة لا تعلق لها بالآية.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧))
لما فرغ سبحانه من الدليل على وحدانيته ، أخبر أن مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه ، وجليل قدرته وتفرّده بالخلق ، قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه ندا يعبده من الأصنام. وقد تقدّم تفسير الأنداد ، مع أن هؤلاء الكفار لم يقتصروا على مجرد الأنداد ؛ بل أحبوها حبا عظيما ، وأفرطوا في ذلك إفراطا بالغا ، حتى صار حبهم لهذه الأوثان ونحوها متمكنا في صدورهم ؛ كتمكن حبّ المؤمنين لله سبحانه ، فالمصدر في قوله : (كَحُبِّ اللهِ) مضاف إلى المفعول ، والفاعل محذوف وهو المؤمنون. ويجوز أن يكون المراد كحبهم لله ، أي : عبدة الأوثان قاله ابن كيسان والزجّاج. ويجوز أن يكون هذا المصدر من المبني للمجهول ، أي : كما يحب الله. والأول أولى لقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) فإنه استدراك لما يفيده التشبيه من التساوي. أي : أن حبّ المؤمنين لله أشد من حبّ الكفار الأنداد ، ولأن المؤمنين يخصون الله سبحانه بالعبادة والدعاء ، والكفار لا يخصون أصنامهم بذلك ، بل يشركون الله معهم ، ويعترفون بأنهم إنما يعبدون أصنامهم ليقربوهم
__________________
(١). هذا الأثر وأمثاله لا يعتمد على كتاب أو سنة وإنما هو رأي لصاحبه لا يعتد به لمخالفته الحقائق العلمية.