لا تسيروا في الأرض مفسدين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) قال : المنّ والسلوى استبدلوا به البقل وما حكي معه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَفُومِها) قال : الخبز ، وفي لفظ : البرّ ، وفي لفظ : الحنطة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : الفوم : الثوم. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس مثله. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ وثومها وروى ابن أبي الدنيا عن ابن عباس أنه قال : قراءتي قراءة زيد ، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قراءة ابن مسعود هذا أحدها من بقلها وقثّائها وثومها. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : (الَّذِي هُوَ أَدْنى) قال : أردأ. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (اهْبِطُوا مِصْراً) قال مصرا من الأمصار. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية : أنه مصر فرعون. وأخرج نحوه ابن أبي داود وابن الأنباري عن الأعمش. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) قال : هم أصحاب الجزية. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة والحسن قال : ضربت عليهم الذلة والمسكنة ، أي يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : المسكنة : الفاقة. وأخرج ابن جرير عن الضحّاك في قوله : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) قال : استحقوا الغضب من الله. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَباؤُ) قال : انقلبوا. وأخرج أبو داود والطيالسي وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبيّ ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢))
قيل : إن المراد بالذين آمنوا : المنافقون ، بدلالة جعلهم مقترنين باليهود والنصارى والصابئين ، أي آمنوا في الظاهر. والأولى أن يقال : إن المراد الذين صدّقوا النبي صلىاللهعليهوسلم وصاروا من جملة أتباعه ، وكأنه سبحانه أراد أن يبيّن أن حال هذه الملة الإسلامية وحال من قبلها من سائر الملل يرجع إلى شيء واحد ، وهو أن من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا استحقّ ما ذكره الله من الأجر ، ومن فاته ذلك فاته الخير كله والأجر دقّه وجلّه. والمراد بالإيمان هاهنا هو ما بيّنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله لما سأله جبريل عن الإيمان فقال : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشرّه» ولا يتصف بهذا الإيمان إلا من دخل في الملة الإسلامية ، فمن لم يؤمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ولا بالقرآن فليس بمؤمن ، ومن آمن بهما صار مسلما مؤمنا ولم يبق يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا. وقوله : (هادُوا) معناه صاروا يهودا ، قيل هو نسبة لهم إلى يهوذا بن يعقوب ، بالذال المعجمة فقلبتها العرب دالا مهملة ؛ وقيل : معنى هادوا : تابوا لتوبتهم عن عبادة العجل ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) (١) أي تبنا ـ وقيل : إن معناه السكون والموادعة. وقال في الكشاف : إن معناه دخل في اليهودية. والنصارى : قال سيبويه : مفردة نصران ونصرانة كندمان وندمانة ، وأنشد شاهدا على ذلك قول
__________________
(١). الأعراف : ١٥٦.