الشاعر :
تراه إذا دار العشا متحنّفا |
|
ويضحي لديه وهو نصران شامس |
وقال الآخر :
فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها |
|
كما أسجدت نصرانة لم تحنّف |
قال : ولكن لا يستعمل إلا بياء النسب فيقال : رجل نصرانيّ وامرأة نصرانية. وقال الخليل : واحد النصارى نصريّ. وقال الجوهري : ونصران قرية بالشام تنسب إليها النصارى ، ويقال ناصرة ، وعلى هذا فالياء للنسب. وقال في الكشاف : إن الياء للمبالغة كالتي في أحمريّ ، سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح. والصابئين : جمع صابئ ، وقيل : صاب. وقد اختلف فيه القراء فهمزوه جميعا إلا نافعا ، فمن همزه جعله من صبأت النجوم : إذا طلعت ، وصبأت ثنية الغلام : إذا خرجت. ومن لم يهمزه جعله من صبا يصبو : إذا مال ؛ والصابئ في اللغة : من خرج ومال من دين إلى دين ، ولهذا كانت العرب تقول لمن أسلم قد صبأ ، وسموا هذه الفرقة صابئة ، لأنها خرجت من دين اليهود والنصارى وعبدوا الملائكة. وقوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) في موضع نصب بدلا من الذين آمنوا وما بعده ، وقد تقدم معنى الإيمان ، ويكون خبر إن قوله : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) ويجوز أن يكون قوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) في محل رفع على أنه مبتدأ خبره قوله : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) وهما جميعا خبر إن ، والعائد مقدّر في الجملة الأولى : أي من آمن منهم ، ودخلت الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط. وقد تقدّم تفسير قوله تعالى : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقد أخرج ابن أبي حاتم عن سلمان قال : سألت النبيّ عن أهل دين كنت معهم فذكرت من صلاتهم وعبادتهم ، فنزلت : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) الآية. وأخرج الواحديّ عن مجاهد نحو ذلك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في ذكر السبب بنحو ما سبق ، وحكى قصة طويلة. وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ ، وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) قال : فأنزل الله بعد هذا : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عليّ قال : إنما سميت اليهود لأنهم قالوا : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : نحن أعلم من أين سميت اليهودية؟ من كلمة موسى عليهالسلام : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ولم تسمت النصارى بالنصرانية؟ من كلمة عيسى عليهالسلام : (كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) وأخرج أبو الشيخ نحوه عنه. وأخرج ابن جرير عن قتادة : إنما تسموا نصارى بقرية يقال لها ناصرة. وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن جرير عن ابن عباس قال : إنما سميت النصارى لأن قرية عيسى كانت تسمى ناصرة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الصابئون : فرقة بين اليهود والنصارى ، والمجوس ليس لهم دين. وأخرج عبد الرزاق عنه قال : قال ابن عباس فذكر نحوه. وقد روي في تفسير الصابئين غير هذا.
__________________
(١). آل عمران : ٨٥.