وكثبان ، وهي تلال الرمال المجتمعة كالربوة.
وقوله (مَهِيلاً) اسم مفعول من هال الشيء هيلا ، إذا نثره ، وفرقه بعد اجتماعه.
والشيء المهيل : هو الذي يحرّك أسفله فينهار أعلاه ويتساقط بسرعة.
ثم يذكر ـ سبحانه ـ بعد ذلك هؤلاء المكذبين بما حل بالمكذبين من قبلهم ، فيقول : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ، كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً).
أى : إنا أرسلنا إليكم ـ أيها المكذبون ـ رسولا عظيم الشأن ، رفيع القدر ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، (شاهِداً عَلَيْكُمْ) أى : سيكون يوم القيامة شاهدا عليكم ، بأنه قد بلغكم رسالة الله ـ تعالى ـ دون أن يقصر في ذلك أدنى تقصير.
والكاف في قوله ـ تعالى ـ : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) للتشبيه ، أى : أرسلنا إليكم ـ يا أهل مكة ـ رسولا شاهدا عليكم هو محمد صلىاللهعليهوسلم كما أرسلنا من قبلكم إلى فرعون رسولا شاهدا عليه ، هو موسى ـ عليهالسلام ـ وأكد الخبر في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَرْسَلْنا ...) لأن المشركين كانوا ينكرون نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم.
ونكر رسولا ، لأنهم كانوا يعرفونه حق المعرفة ، وللتعظيم من شأنه صلىاللهعليهوسلم أى : أرسلنا إليكم رسولا عظيم الشأن ، سامى المنزلة جامعا لكل الصفات الكريمة.
والفاء في قوله : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) للتفريع. أى : أرسلنا إليكم رسولا كما أرسلنا إلى فرعون رسولا قبل ذلك ، فكانت النتيجة أن عصى فرعون أمر الرسول الذي أرسلناه إليه ، واستهزأ به ، وتطاول عليه فكانت عاقبة هذا التطاول ، أن أخذناه (أَخْذاً وَبِيلاً).
أى أهلكنا فرعون إهلاكا شديدا ، وعاقبناه عقابا ثقيلا ، فوبيل بزنة فعيل ـ صفة مشبهة ، مأخوذة من وبل المكان ، إذا وخم هواؤه وكان ثقيلا رديئا. ويقال : مرعى وبيل ، إذا كان وخما رديئا.
وخص ـ سبحانه ـ موسى وفرعون بالذكر ، لأن أخبارهما كانت مشهورة عند أهل مكة.
وأل في قوله (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) للعهد. أى : فعصى فرعون الرسول المعهود عندكم ، وهو موسى ـ عليهالسلام ـ.