الصالحات ، فهم يوم القيامة يكونون في أشرف بقاع الجنات وأطيبها وأسماها منزلة ، حالة كونهم لهم ما يشاءون من خيرات عند ربهم.
(ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) أى : الذي أعطيناه للمؤمنين من خيرات ، هو الفضل الكبير الذي لا يعادله فضل ، ولا يماثله كرم.
واسم الإشارة في قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
أى : ذلك الفضل الكبير ، هو البشارة العظمى ؛ والعطاء الجزيل ، الذي يمنحه الله ـ تعالى ـ يوم القيامة لعباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
قال الآلوسى قوله : (ذلِكَ) أى : الفضل الكبير ، أو الثواب المفهوم من السياق ، هو (الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أى : يبشر به فحذف الجار ثم العائد إلى الموصول ، كما هو عادتهم في التدريج في الحذف ولا مانع من حذفهما دفعة. وجوز كون (ذلِكَ) إشارة إلى التبشير المفهوم من «يبشر» .. أى : ذلك التبشير يبشره الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات (١).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يؤكد لأولئك المشركين من قومه ، أنه لا يسألهم أجرا على دعوته ، وإنما يسألهم المودة والمعاملة الحسنة لقرابته منهم فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).
والضمير المجرور في (عَلَيْهِ) يعود إلى التبليغ والتبشير والإنذار الذي يفعله الرسول صلىاللهعليهوسلم معهم و (الْقُرْبى) مصدر كالقرابة والخطاب لكفار قريش.
وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال : أولها : أن المراد بالقربى : الصلة والقرابة التي تربط بين الرسول وبين كفار قريش.
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء الكافرين إنى لا أسألكم على التبليغ أجرا ، لكن أسألكم أن تؤدونى لقرابتي فيكم ، فتكفوا عنى أذاكم ، وتمنعوا عنى أذى غيركم ، وتستجيبوا لدعوتى ، فإن صلة القرابة والرحم التي بيني وبينكم توجب عليكم ذلك.
فالقربى هنا : بمعنى القرابة وصلة الرحم. و (فِي) للسببية بمعنى لام التعليل كما جاء في الحديث الشريف : «دخلت امرأة النار في هرة».
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٥ ص ٣٠.