والمراد بالذين ظلموا : المشركون الذين أشركوا مع الله ـ تعالى ـ آلهة أخرى في العبادة ، ومن الآيات التي وردت وأطلق فيها الظلم على الشرك والكفر ، قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وقوله ـ سبحانه ـ (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلىاللهعليهوسلم فسر الظلم بالشرك في قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (١).
والمراد بأزواجهم : أشباههم ، ونظراؤهم وأمثالهم في الشرك والكفر ، وهذا التفسير مأثور عن عدد من الصحابة والتابعين ، منهم عمر بن الخطاب ، والنعمان بن بشير ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ومجاهد ، وأبو العالية.
وقيل المراد بأزواجهم. قرناؤهم من الشياطين ، بأن يحشر كل كافر مع شيطانه.
وقيل المراد بهم : نساؤهم اللائي كن على دينهم ، بأن كن مشركات في الدنيا كأزواجهن ، ويبدو لنا أن جميع من ذكروا محشور. والعياذ بالله. إلى جهنم ، إلا أن تفسير الأزواج هنا : بالأشباه والنظائر والأصناف أولى ، خصوصا وأن إطلاق الأزواج على الأصناف والأشباه جاء كثيرا في القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
والمراد بما كانوا يعبدونه : الآلهة الباطلة التي كانوا في الدنيا يعبدونها من دون الله ، كالأصنام والأوثان.
والأمر من الله ـ تعالى ـ للملائكة في هذا اليوم الشديد ، وهو يوم القيامة.
أى : احشروا واجمعوا الذين كانوا مشركين في الدنيا ، واجمعوا معهم كل من كان على شاكلتهم في الكفر والضلال ، ثم اجمعوا معهم ـ أيضا ـ آلهتهم الباطلة التي عبدوها من دون الله ـ تعالى ـ ثم ألقوا بها جميعا في جهنم ، ليذوقوا سعيرها وحرها.
وفي حشر الآلهة الباطلة مع عابديها ، زيادة تحسير وتخجيل لهؤلاء العابدين لأنهم رأوا بأعينهم بطلان وخسران ما كانوا يفعلونه في الدنيا.
والضمير في قوله : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) يعود إلى المشركين وأشباههم وآلهتهم. وقوله : (فَاهْدُوهُمْ) من الهداية بمعنى الدلالة على الشيء والإرشاد إليه.
أى : احشروهم جميعا إلى جهنم ، وعرفوهم طريقها إن كانوا لا يعرفونه ، وأروهم إياه إن كانوا لا يرونه.
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ٨٢.