القيامة ، إذا تجلى الحق ـ تبارك وتعالى ـ للخلائق لفصل القضاء (١).
والمراد بالكتاب في قوله ـ تعالى ـ : (وَوُضِعَ الْكِتابُ) صحائف الأعمال التي تكون في أيدى أصحابها.
فالمراد بالكتاب جنسه ، أى : أعطى كل واحد كتابه إما بيمينه. وإما بشماله. وقيل المراد بالكتاب هنا : اللوح المحفوظ الذي فيه أعمال الخلق.
(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) أى : وبعد أن أعطى كل إنسان صحائف أعماله جيء بالنبيين لكي يشهدوا على أممهم أنهم بلغوهم ما كلفهم الله بتبليغه إليهم ، وجيء بالشهداء وهم الملائكة الذين يسجلون على الناس أعمالهم من خير وشر ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ). وقيل المراد بهم : من استشهدوا في سبيل الله.
ثم بين ـ سبحانه ـ مظاهر عدالته في جمل حكيمة فقال : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) أى : وقضى ـ سبحانه ـ بين الجميع بقضائه العادل (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أى : نوع من الظلم.
(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) من خير أو شر (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) أى : وهو ـ سبحانه ـ عليم بما يفعلونه من طاعة أو معصية ، لا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه ، بل هو ـ تعالى ـ يعلم السر وأخفى.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ببيان مصير الكافرين ، وببيان مصير المتقين. وببيان ما يقوله المتقون عند ما يرون النعيم المقيم الذي أعده ـ سبحانه ـ لهم ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ(٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ١٠٨.