أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة من مثله ...
قال الآلوسى : قوله ـ تعالى ـ : (يس) : الكلام فيه كالكلام في «ألم» ونحوه من الحروف المقطعة في أوائل بعض السور ، إعرابا ومعنى عند الكثيرين.
وظاهر كلام بعضهم أن «يس» بمجموعه ، اسم من أسمائه صلىاللهعليهوسلم.
وقرأ جمع بسكون النون مدغمة في الواو ، وقرأ آخرون بسكونها مظهرة ، والقراءتان سبعيتان ... (١).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) قسم منه ـ تعالى ـ بكتابه ذي الحكمة العالية. والهدايات السامية ، والتوجيهات السديدة ، والتشريعات القويمة ، والآداب الحميدة ...
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) جواب لهذا القسم.
أى : وحق هذا القرآن الحكيم ، إنك أيها الرسول الكريم ـ لمن عبادنا الذين اصطفيناهم لحمل رسالتنا ، وتبليغ دعوتنا إلى الناس ، لكي يخلصوا العبادة لنا ، ولا يشركوا معنا في ذلك غيرنا.
وجاء هذا الجواب مشتملا على أكثر من مؤكد ، للرد على أولئك المشركين الذين استنكروا رسالة النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا في شأنه : «لست مرسلا».
قال بعض العلماء : واعلم أن الأقسام الواقعة في القرآن. وإن وردت في صورة تأكيد المحلوف عليه ، إلا أن المقصود الأصلى بها تعظيم المقسم به ؛ لما فيه من الدلالة على اتصافه ـ تعالى ـ بصفات الكمال ، أو على أفعاله العجيبة ، أو على قدرته الباهرة فيكون المقصود من الحلف : الاستدلال به على عظم المحلوف عليه ، وهو هنا عظم شأن الرسالة. كأنه قال : إن من أنزل القرآن ـ وهو من هو في عظم شأنه ـ هو الذي أرسل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ومثل ذلك يقال له في الأقسام التي في السور الآتية ... (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) خبر ثان لحرف «إن» في قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
أى : إنك ـ يا محمد ـ لمن أنبيائنا المرسلين ، على طريق واضح قويم ، لا اعوجاج فيه ولا اضطراب ، ولا ارتفاع فيه ولا انخفاض ، بل هو في نهاية الاعتدال والاستقامة.
قال صاحب الكشاف : قوله : (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) خبر بعد خبر ، أو صلة للمرسلين.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٢١٠.
(٢) تفسير «صفوة البيان» ج ٢ ص ٢١٥ لفضيلة الأستاذ الشيخ حسنين محمد مخلوف.