وصفاته الأزلية لا تحتاج إلى علّة الحدث ، فإن اصطفائية الله منزّهة عن خلل الحدثان وأفعالها.
قال الجنيد : طالبوا تمام الكلمات بوجود النعمة والمواظبة على الصبر فاستشعروا التثبت بحبائل الوفاء عند من أبلاهم ، ليتم عليهم كلمة الحسنى بجميل الثناء على الصبر الذي ضمن لهم إتمامها بالوفاء.
قال أبو سعيد الخراز : طالبوا تمام النعمة بالمواظبة على الصبر واستشعروا وعده الذي ضمن لهم إنما يكون عند القيام بما ألزمهم من شرائط الصبر ؛ لأنه تعالى قال : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى) بصبرهم في بلائه وإعطائهم مواريث الأرض من الملكين ، ملك الدنيا وملك العقبى.
قوله تعالى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ردّ الله بلسان نبيه عليهالسلام قول الجهل عند قولهم : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ، وعرّفهم مكان العقل في الإنسانية وتفضيل الآدمية على الحيوانية ، واختيار الله إياهم التوحيد والشريعة ، أي تطلبون غيره وهو بكرمه ورحمته أعطاكم العقل الذي لا يقبل في العبودية غير الله ؛ لأنه يفرد القدم من الحدوث يعلم من الله معه ، وصوركم بأحسن الصورة التي لو اعتبرتم بها يعرفون أن صانعها الله لا شريك له في ملكه ولا ضد له في سلطانه ، فضلكم على العالمين بإرسالي إليكم ، فإني أتم نعمت الله عليكم.
قال أبو عثمان : أتطلب غيره وهو فضلك على ما سواك من جميع ذوات الأرواح والجماد فتذل وتخضع لغيره ، وهو فضلك عليه ذلّ لمن يذلّ له لتستوي معه فتنال معه به العزّ الأوفر.
(وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥) سأصرف عن ءايتي الّذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يرو كل ءاية لا يؤمنوا بها وإن يروا