لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢))
قوله تعالى : (قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) فيها تحيون بالله وتموتون في الله ويخرجون بنعت الله.
قال بعضهم : فيها تحيون بالمعرفة ، وفيها تموتون بالجهل ، ومنها تخرجون ممّا أنتم فيه من التقدير والتدبير إلى سوابق القدر عليكم وجرى الأحكام فيكم.
ولمّا أعزى آدم عليهالسلام وحواء من لباس الجنة غوّص بنوه بذلك ألبسة شتي من حضرته الكريمة بقوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) لكل طائفة لباس للعارفين لباس المعرفة ، وللمحبين لباس المحبة ، وللمشتاقين لباس الشوق ، وللموحدين لباس التوحيد ، وللزاهدين لباس الزهد ، وللمتقين لباس التقوى ، وللأولياء لباس الولية ، وللأنبياء لباس النبوة ، وللمرسلين لباس الرسالة ، ولكل واحد منها ظاهر وباطن زينة الباطن لنظر الحق وزينة الظاهر لموقع الشريعة وتلك الزينة ما قال تعالى : (وَرِيشاً) وتلك الزينة أنوار القرب مرخص بها صار بين الخلق مهينا.
وقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) لأن كل لباس فيه حظ العباد وليس في لباس التقوى حظ النفس ، وهذه الملابس هي كثرة العموم ولباس الله لمن فنيّ في الله واتصف بصفات الله ، فكل لباس يفني في لباس الله من خرج بلباس الله صار قبلة الله للعالمين ، من نظر إليه يرى الله ، ولهذا أشار عليهالسلام إلى مقام اتصافه بصفات الله واكتسائه بكسوة أنوار الله بقوله : «من رآني فقد رأى الحق» (١).
__________________
(١) رواه مسلم (٤ / ١٧٧٥) ، والترمذي (٤ / ٣٥٣).