لعظمها في المعرفة ولقدسهما عن حظوظ البشرية ؛ لأن حظ البشرية في المشاهدة ، فلمّا ذاقا ذوق شجر العشق انفرد عن الكل بالكل ، فصار عورة الحق في العالم فكشف عنهما غرائب علم الأقدار بخروج جميع الأشباح والأرواح منها.
وسئل الواسطي : ما بال الأنبياء العقوبة إليهم أسرع؟ إن إبليس وآدم عليهالسلام في مخالفة واحدة ، قيل : (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما).
قال : سوء الأدب في القرب ليس كسوء الأدب في البعد.
قيل : يطالب الأنبياء بمثاقيل الذّر ، ولا يطالب العامة بذلك ؛ لبعدهم عن مصادر السرّ.
وقال بعضهم : بدت لهما سوأتهما ولم تبد لغيرهما هتك عنهما سر العصمة ، ولم يبد ذلك لغيرهما.
قال الواسطي : سلبه ما ألبسه وكساه كسوة الذل حتى عرفه أراذل قدرة فانيته نفسه عن نفسه بنفسه ، فأيقن أنه لا ينال شيئا من ربه إلا بربه ، وانقطع به إليه مغيبا عن حضوره ، ومأخوذا بحظه عن حظ غيره ، فلمّا بلغا إلى رأس كنوز علم الغيب ، وصارا متحيرين في مهمهة الامتحان من رؤية عن النكرات لاطفهما الحق بمناداته وخطابه وعتابه ليجرهما من فقار الديمومية إلى مهد طريق الشريعة بقوله : (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) النداء نداء المآب ، والقول قول العقاب ، ذكر لهما تلك الشجرة المنهية لموقعها في شوق تلك الأسرار ؛ لأنهما في البعد من تلك المزار.
قال القرشي : قيل لآدم عليهالسلام أدخل الجنة ولا تأكل من الشجرة ، فلمّا أكلا نادهما ربهما والقول على معنى القرب والنداء على حد البعد ، فلمّا أعلمنا أنهما أخطآ حين باشرا الشجرة من جهد شهوة العشق ، والحق هناك رؤية ما ظهر في الشجرة من حسن تجلّي الحق ، وليس استيفاء خط البشرية بمباشرة الشجرة من حق المقام أضافا الظلم إلى أنفسهما بقولهما : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الظلم هاهنا الجهل بحقائق المقام وطلب حظ النفس في مقام مشاهدة الحق أقرا بالجهل ، وكانا في ذلك الوقت في مقام التلوين ولو كانا في محل تجريد التوحيد لم يذكر النفس ولم يلوما أنفسهما ؛ لأن رؤية النفس وقدرتها في شيء في مقام التوحيد شرك ؛ ألا ترى إلى قول الأستاذ حين قال : من لام نفسه فقد أشرك.
قال الحسين : الظلم هو الاشتغال بغيره عنه.
وقال ابن عطاء : ظلمنا أنفسنا باشتغالنا بالجنة وطيبها عنك.
قال الشبلي : ذنوب الأنبياء تؤديهم إلى الكرامات والرتب ، كما أن ذنب آدم عليهالسلام أدى إلى