قال الواسطي : من قال أنا ، فقد نازع القدرة.
قالت الملائكة : (نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ، وذلك لبعدهم من المعارف ، وهم أرباب الافتخار والاعتراض على الربوبيّة ، بقوله تعالى : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها).
وقال ابن عطاء : أن الملائكة جعلوا دعاويهم وسيلة إلى الله ، فأمر الله النار ، فأحرق منهم في ساعة واحدة ألوفا ، فأقرّوا بالعجز وقالوا : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا).
وقال جعفر : لما باهوا بأعمالهم ، وتسبيحهم وتقديسهم ، ضربهم كلهم بالجهل حتى قالوا : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا).
وقال بعض العراقيين : شروط الخلافة رؤية بداية الأشياء فصلا ووصلا ، إذ لا فصل ، ولا وصل لم ينفصل منه شيء ، وأي وصل للحدث والقدم.
وقال بعضهم : عيّروا آدم واستصغروه ، ولم يعرفوا خصائص الصنع به ، وأظهر عليه صفات القدم ، فصار الخضوع له قربة إلى الحق ، والاستكبار عليه بعدا من الحق.
وقال أبو عثمان المغربي : ما بلاء الخلق إلا بالدعاوى.
ألا ترى الملائكة لما قالوا : (نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) كيف ردوا إلى الجهل حتى قالوا : (لا عِلْمَ لَنا).
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) : علّمه أسماء الصفات الخاصة التي عرف بها حقائق جميع الصفات ، واهتدى بأنوارها طرائق معارف الذات.
وأيضا علّمه أسماء المقامات التي هي مدارج الحالات.
وقال الجريري : علّمه اسما من أسمائه المخزونة ، فعلّم به جميع والأسامي.
وقال ابن عطاء : لو لم يكشف لآدم علم تلك والأسامي ؛ لكان أعجز من الملائكة في الإخبار عنها.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤) وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ