غرائب تجلّي الصفات ، وجنة الوصلة اللّذة في العشق ، ونهرها المحبّة ، وجنة التوحيد التلبّس باللباس الربّانيّ ، ونهرها الانسلاخ عن اللباس الإنسانيّ ، وجنة البقاء التمكين ، ونهرها السكينة ، وجنة البسط الفرج بالمشاهدة ، ونهرها الطمأنينة ، وجنة الرجاء الشوق ونهرها الأنس ، وجنة الانبساط الاتّحاد ، ونهرها الفريدة والحكم في الحضرة ، وجنة السكر حلاوة الفناء ، ونهرها صفاء عيش الروح في المشاهدة ، وجنة الصحو المعجزات وتقلّب الأعيان ، ونهرها العلم اللّدني ، وجنة الملكوت رؤية تصاوير أشخاص الأرواح ، ونهرها مزيد اليقين ، وجنة المكاشفة المراقبة بنعت وجدان صفاء المعرفة ، ونهرها أسرار الفراسات ، وجنة الحقيقة وجدان الروح في مقام الجمع والتفرقة ، ونهرها التلوين والتمكين ، وجنة علم المجهول الراحة في الشطحيات ، ونهرها غوص الروح في بحر الحقيقة (١).
(وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) : أهل جنان الوصلة إذا كشفت لهم أسرار الغيب ، رأوا مشاهدات أنوار الصفات في مقامات الأرواح ، جميعها يدلّ بعضهم بعضا ، ويحصل لهم من نور الكبرياء ، ما يحصل لهم من نور العظمة ، ومن نور القدم ما يحصل من نور البقاء ، هكذا جميع الصفات.
وأيضا إذا تمكّن أهل المشاهدة في الجنة غذاء ، ورأوا ربهم تعالى ، وجدوه على الصفة التي أظهر نفسه جلّ وعزّ لأهل المكاشفة في دار الدنيا يقولون : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أي : ما نحن كنّا فيه من مشاهدته في العاجل ، يجدها بتلك الصفات في الآجل ؛ لأن وجوده يتغيّر بتغيّر الزمان في المكان ، أوّله في الربوبية آخره في الألوهية ، وآخره في الصمدية أوّله في الأزلية.
وقال السري في قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : أخلص سرّه ، وعبادته لي.
(أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي) أي : نور في أسرارهم وقلوبهم ، في الدنيا يستريحون إليه للتوكل والاكتفاء ، ونور في الآخرة ، بدخولهم الجنان ، ومجاورتهم الرحمن.
__________________
(١) وقال سيدي إسماعيل حقي : أي يحصل لهم جنات القربة معجلة من بذر الإيمان الحقيقي وأعمالهم القلبية الصالحة والروحية والسرية بالتوحيد والتجريد والتفريد من أشجار التوكل واليقين والزهد والورع والتقوى والصدق والإخلاص والهدى والقناعة والعفة والمروءة والفتوة والمجاهدة والمكابدة والشوق والذوق والرغبة والرهبة والخوف والخشية والرجاء والصفاء والوفاء والطلب والإرادة والمحبة والحياء والكرم والسخاوة والشجاعة والعلم والمعرفة والعزة والرفعة والقدرة والحلم والعفو والرحمة والهمة العالية وغيرها من المقامات والأخلاق تجرى من تحتها مياه العناية والتوفيق والرأفة والعطفة والفضل.