حلاوة وعوضا عاجلا ، فشرعوا فيها ، وإذا احتبس عليهم طريق الكرامات ، فتركوا جميع الطاعات.
قال الحسين : إذا أضاءهم مرادهم من الدنيا والدين ألفوه ، وإذا أظلم عليهم من خلاف بعقولهم قاموا مجهولين.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) أي : شرّفوا أنفسكم بعبادة ربكم.
وأيضا اشكروا نعمة معرفتي بعبادتي ، وقيل : وحّدوا ربكم.
وقال جعفر الصادق : بيّنوا ربوبيته ، ثم اعبدوه على حد الهيبة والإجلال ، وعاينوا أوّل تربيّتكم ؛ لتعلموا خصوصيته إيّاكم من بين سائر خلقه.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً) : أشار بهذا إلى ترك المرتع والمنظر ، ما دامت الأرض لغرماء الحق ، ولعمّار السماء غطاء.
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) : بيّن للعباد أمر رزقهم ، أنه ليس من عند غير الله ، حتى يشتغلوا عن عبادة ربّه باهتمام الرزق.
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) أي : فلا تجعلوا لله شريكا في طلب رزقكم منه بعبادة ربكم ، ولا تبيعوا عبادة الله بمال الدنيا.
(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : إن الله تعالى رازقكم وخالقكم ، أي : لا تكونوا مرائين ، وللطاعة بائعين ، وللدنيا وقبولها مشترين.
قال سهل أي : لا تجعلوا لله أضدادا ، وأكبر الأضداد النفس الأمّارة بالسوء.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : إن لأهل المعرفة جنان جنّة العبودية ، وجنة الربوبية ، وجنة المعرفة ، وجنة المحبّة ، وجنة القربة ، وجنة المشاهدة ، وجنة المداناة ، وجنة الوصلة ، وجنة التوحيد ، وجنة البقاء ، وجنة البسط ، وجنة الرجاء ، وجنة الانبساط ، وجنة السكر ، وجنة الصحو ، وجنة الملكوت ، وجنة المكاشفة ، وجنة الحقيقة ، وجنة العلم ، ولكل جنة منها نهر تجري من تحتها ، فجنة العبودية الكرامات ، ونهرها حقائق الحكمة ، وجنة الربوبية مشاهدة صرف القدرة ، ونهرها رؤية تجلّي الحق في مرآة الآيات ، وجنة المعرفة إدراك نوادر الألوهية ، ونهرها صفاء الإخلاص ، وجنة المحبّة مشاهدة الآلاء ، ونهرها الرضا بمراد المحبوب ، وجنة القربة مباشرة أنوار الصفة ، ونهرها خاصية المحبّة ، وجنة المشاهدة الدهشة في جمال الحق ، ونهرها لطائف الإشارة ، وجنّة المداناة ، والاستئناس برؤية الوصال ، والتبرّي من الحدثان ، ونهرها كشف