إعدادات
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
المؤلف :أبي محمّد صدر الدين روزبهان بن أبي نصر البقلي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :542
تحمیل
عليها الشمس ، فنظر إليها ، فرأى مشاهدة جلال القدم في مرآة الشمس ، فقال بلسان العشق : (هذا رَبِّي) فوصل إليه غيرة القدم ، وجرّده عن رؤية الوسائط في رؤية القدم عند رؤيته أفول الآيات بنعت فنائها في عظمة أنوار القدم ، وانكشف له عين القدم صرفا ، ففرّ منه إليه ، وتوحّد بوحدانيته ، وقال للنفس المطالبة حظّها من رؤية الكون المشيرة إلى كوكب الفعل : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) أي : الساقطين في مهوات المحو عند بروز سطوات عظمة الله.
وقال للعقل المطالب حظ رؤية القدرة في رؤية القمر ، الذي هو مرآة نور الصفة : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) الذين بقوا في مقام الالتباس عن رؤية صرف الصفات ، أي : لئن لم يهدني به إليه لبقيت به عنه.
وقال للقلب المطالب حظه من مقام العشق ورغبته في لذة المحبة في رؤية الوسائط ، وفراره من الاحتراق في نيران الكبرياء : (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) يفرون إليه من غيره ، وإن كان وسيلة إليه ، فإني أراه بلا واسطة رأيته به لا غير ، برئت من حظي في الوسائط.
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١))
قوله تعالى : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي : إني متوجّه بعد تبرئي من الحدث بنعت تجريدي في التوحيد إلى شرف القدم الذي بدا من أنوار فعله كل وسيلة.
وهذا معنى قوله تعالى : (حَنِيفاً) مسلما حنيفا قائدا عمّا دونه ، مسلما منقادا بنعت الرضا عنده.
(وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الذين يسيرون إلى الوسائط ، فإني ذاهب إلى ربي سيهديني منه إليه ، حتى أبقى بنعت الفناء فيه قبل ، كمن فيه كواكب الوحدانية وشموسها وأقمارها ، فغلب بها الشكوك في رؤية الأقمار والنجوم والشموس.
قال الواسطي في قوله : (رَأى كَوْكَباً) : قال : إنه كان يطالع الحق بسيره لا الكوكب ، وكذلك الشمس والقمر بقوله : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) عند رجوعه إلى أوصافه بارتفاع