عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) ، وإذا تحيّر المريدون في بيداء الشوق وهاموا في وادي العشق وفنوا في قفار التوحيد زيدوا عليهم وصف مشاهدتي ولذّة وصالي قدس عظمتي ، يزيد حرقتهم ورغبتهم ومحبتهم لقائي ، ويزيد سرعتهم في سيرة العشق والشوق إليّ ، وإذا وقع في طريقهم حظّ من حظوظ أنفسهم من أبواب الرخص والتأويلات فامنعوهم منه ، واتقوا من احتجابي عنكم حين احتجبوا مني ، فإن عذاب الفراق مني أشدّ العذاب ، وما ذكرنا فهو معنى قوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
قيل : البرّ ما وافق عليه العلم من غير خلاف ، والتقوى مخالفة الهوى ، والإثم طلب الرخص ، والعدوان التخطي إلى الشبهات.
قيل : البرّ ما اطمأن إليه قلبك من غير أن ينكره بجهة ولا سبب.
قال بعضهم : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) ، وهو طاعة الأكابر من السادات والمشايخ ، ولا تضيعوا حظوظكم منهم ومن معاونتهم وخدمتهم ، (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ، وهو الاشتغال بالدنيا ، والعدوان موافقة النفس على مرادها وهواها.
وقال سهل : البرّ الإيمان ، والتقوى السنة ، والإثم الكفر ، والعدوان البدعة.
وعن جعفر عليهالسلام قال : البرّ الإيمان ، والتقوى الإخلاص ، والإثم الكفر ، والعدوان المعاصي.
وقال الأستاذ في قوله : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) إذا خرجتم عن أسر حقوقنا فارجعوا إلى استجلاب حظوظكم ، فأما ما دمتم تحت قهر بطشنا فلا نصيب لكم منكم ؛ لأنكم لنا ، وقد وقع لي في البرّ : معنى البرّ المحبة ، والتقوى المعرفة ، والإثم طلب حظ المشاهدة من المشاهدة ، والعدوان دعوى الأنائية في الاتحاد ؛ لأنه احتجب بحظ الربوبية عن الربوبية في العبودية.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣) يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ