حِذْرَهُمْ
وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ
وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ
عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ
تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ
عَذاباً مُهِيناً (١٠٢))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا
ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) أي : إذا سلكتم مسالك المقامات بين يدي الله تعالى لطلب
مشاهدة الله ، وسرتم بأسراركم في أسرار صفاته وأنوار ذاته تبينوا حقائق كل مقام
بعرفان وبرهان وذوق وإيقان ، وتثبّتوا ، واستقيموا في ظهور جلال الله ؛ لئلا تقعوا
في تفرقة التلوين ، ولا تقعوا في التشبيه في معارك مكريات الالتباس ؛ لأن هناك
ظهور الذات في لباس الصفات ، وظهور الصفات في لباس الأفعال.
قيل : إذا
سافرتم اطلبوا أولياء الله ، وتثبتوا ألا يفوتكم مشاهدتهم ؛ فإن الفوائد في
الأسفار وموضع التثبت والاستقامة.
قوله تعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى
الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) .
(الْمُجاهِدِينَ) : الذين بدلوا بهجتهم في طلب مشاهدة الله بوصف
المراقبة.
و (الْقاعِدِينَ) أهل الفترة قعدوا عن طلب جماله تعالى بحظوظ البشرية.
و «الأجر
العظيم» : مشاهدة الله ، ووصول قربته.
قال بعضهم في
قوله : (وَفَضَّلَ اللهُ
الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ) القائمين بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر (عَلَى الْقاعِدِينَ) عنه (أَجْراً عَظِيماً).
قوله تعالى : (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا
يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) وصف قوما أقعدهم نور الشهود عن السير في المجاهدات ،
وأفناهم عن طلب الخروج من نيران الكبرياء ، وطمس طرق الرجوع من مشاهدة الذات إلى
الصفات ، ومن الصفات إلى الأسماء ، ومن الأسماء إلى الأفعال ، ومن الأفعال إلى
الخلق في عيونهم ، وحيرهم في قفار الأزليات والأبديات حتى لو يريدون روح الفترة
لحظة لم يظفروا به ؛ لأنهم مردودون من بحار الصفات إلى بحار الذات ، ومن بحار
الذات إلى بحار الصفات ، (لا يَسْتَطِيعُونَ
حِيلَةً) الرجوع إلى البشرية ، (وَلا
__________________