وبها نشأ وتأدّب في عهد الدولة المزيدية ، وأتقن فنّ الترسّل ونظم الشعر وصار كاتباً شاعراً ، واتصل بالدولة المزيدية في أيّام ملك العرب أبي الحسن سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي المزيدي مؤسّس الحلّة وصار كاتباً بين يديه في شبابه ـ أعني شباب ابن أفلح ـ ثمّ انتقل إلى بغداد بعد قتل سيف الدولة ـ وكان قتله سنة (٥٠١ هـ) على ما هو معروف ـ وخالط أرباب الدولة السلجوقية وأعيان الدولة العباسية ، وجاب البلاد ولقي أكابرها ورؤساءها ، واشتهر فضله وذاع شعره ...».
من شعره :
دع الهوى لأناس يعرفون به |
|
قد مارسوا الحبَّ حتّى لان أصعبه |
بلوت نفسك فيما لست تخبره |
|
والشيء صعب على من لا يجرّبه |
أهن اصطباراً وإن لم تستطع جلدا |
|
فربّ مدرك أمر عزَّ مطلبه |
أحنو الضلوع على قلب يحيّرني |
|
في كلّ يوم ويعييني تقلّبه |
تنازعُ الريح من نجد يُهيّجه |
|
ولا مع البرق من نعمان يطربه(١) |
قال الخاقاني : «وكان قويّاً في الهجاء والوصف ، وقال في هجو ضياء الملك أبي نصر أحمد بن نظام الملك الوزير وكان قد وصل إلى بابه فمنعه البوّاب من الدخول عليه :
حمدت بوّابك إذ ردّني |
|
وذمّه غيري على ردّه |
لأنّه قلّدني نعمةً |
|
تستوجب الإغراق في حمده |
أراحني من قبح ملقاك لي |
|
وكبرك الزائد في حدّه |
فعدت لا أضرع خدّي لمن |
|
ماء الحيا قد غاض من خدّه» |
__________________
(١) تاريخ الإسلام ٣٦/٣٢٧.