من قال إنها محكمة. وكل ذلك لا برهان معه ، وتفكيك للمعنى ، وغفلة عن سر تكريمه صلوات الله عليه بمقصود الخطاب. وقد وهم في هذا المعنى زياد ـ رجل من الأنصار ـ فرده أبيّ رضي الله عنه ، إلى صواب المعنى. وذلك فيما رواه عبد الله ابن أحمد وابن جرير ؛ أن زيادا قال لأبيّ بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم توفّين ، أما كان له أن يتزوج؟ فقال : وما يمنعه من ذلك؟ قال : قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) فقال له : إنما أحل الله له ضربا من النساء. فقال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) ، ـ إلى قوله ـ (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) ثم قيل له (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ).
وروى الترمذيّ (١) عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، بقوله تعالى (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) الآية. فحرم كل ذات دين غير الإسلام.
والمطلع على ما كتبوه هنا ، يأخذه العجب من البعد عن مقصدها. فالحمد لله على إلهام الحق وتعليمه.
تنبيه :
قال في (لباب التأويل) : في قوله تعالى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) دليل على جواز النظر من الرجل التي يريد نكاحها من النساء. ويدل عليه ما روي عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ، فليفعل. أخرجه أبو داود (٢).
وروى (٣) مسلم عن أبي هريرة ؛ أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار. فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا. قال الحميديّ : يعني هو الصّغر.
وعن المغيرة بن شعبة قال : خطبت امرأة. فقال لي النبيّ صلىاللهعليهوسلم : هل نظرت إليها؟ قلت : لا. قال : فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. أخرجه الترمذيّ (٤) وحسنه.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في : التفسير ، ٣٣ ـ سورة الأحزاب ، ١٨ ـ حدثنا عبد. حدثنا روح عن عبد الحميد.
(٢) أخرجه في : النكاح ، ١٨ ـ باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها ، حديث ٢٠٨٢.
(٣) أخرجه في : النكاح ، حديث رقم ٧٤.
(٤) أخرجه في : النكاح ٥ ـ باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة ، حديث رقم ١٠٨٧.