قلتم ، لتضاعف عذابكم بضلالكم وإضلالكم (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) أي قدمتم العذاب بإضلالنا وإغوائنا.
قال القاشانيّ : وهذه المقاولات قد تكون بلسان المقال وقد تكون بلسان الحال. أي لأن الوضع لا يختص بالحقيقة. إلا أن الأظهر الأول. ويؤيده قوله تعالى بعد (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)(فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي المستقر جهنم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٦١)
(قالُوا) أي الأتباع أيضا (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) كقوله تعالى : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) [الأحزاب : ٦٨].
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢)
(وَقالُوا) أي الطاغون أو الأتباع (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) يعنون فقراء المسلمين الذين يسترذلونهم ويسخرون بهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣)
(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة ل (رجالا). وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم. وقوله تعالى : (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) أي مالت عنهم كبرا ، وتنحّت عنهم أنفة. والمعنى أيّ الفعلين فعلنا بهم ، السخرية منهم أم الإزراء بهم ، على معنى إنكار الأمرين على أنفسهم ، تحسرا وندامة على ما فعلوا ، وعلى ما حاق بهم وحدهم من سوء العذاب ، وقيل (أم) بمعنى (بل) أي بل زاغت عنهم أبصارنا لخفاء مكانهم علينا في النار. كأنهم يسلّون أنفسهم بالمحال ، يقولون : أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم. فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله عزوجل (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ، قالُوا نَعَمْ ، فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٤] ، إلى قوله : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) [الأعراف : ٤٩] ، الآية. وقيل : (أم)