إفراغ المعاني في أرق الألفاظ وأفخم التراكيب ، أسلوب انفرد به عن كل كلام. وبه يعلم أن من بحث في كيفية العرض عليهن ، هل كان بإيداع عقل فيهن أولا ، وفي تعيين زمانه وفي كيفية إبائهن وإشفاقهن ، وفي معنى لوم الإنسان ورميه بالظلم والجهل ، بعد ما عرضت عليه ، وأن ظاهره التخيير إلى غير ذلك ـ كله فلسفة لفظية ، ولّدها عشاق الظواهر والألفاظ ، الولعون في الغلوّ بمفرداتها ، وصرف الوقت فيها جعل ذلك منتهى قصدهم ومبلغ علمهم. فضاع عليهم المعنى ولم يهتدوا إليه ـ ولن يجدوا إليه سبيلا ما دام هذا سبيلهم ـ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.