القرم وابن الهمام) أو يراد بهم أقوام مختلفون في الذوات والصفات. فعلى الأول ، تكون الأوصاف الثلاثة للمنافقين. وهو الموافق لما عرف من وصفهم بالذين في قلوبهم مرض ، كما مرّ في البقرة. والأراجيف بالمدينة أكثرها منهم. لكنه لا يوافق ما ذيل به من الوعيد بالإجلاء والقتل. فإنه لم يقع للمنافقين. وعلى الثاني ، هم المنافقون وقوم ضعاف الدين. كأهل الفجور. والمرجفون اليهود الذين كانوا مجاورين لهم بالمدينة. وقد وقع القتال والإجلاء لمن لم ينته منهم. وهم اليهود. انتهى.
الثاني ـ ذكروا أن معنى قوله تعالى : (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) أنهم إذا خرجوا لا ينفكّون عن المذلّة ، ولا يجدون ملجأ. بل أينما يكونون ، يطلبون ويؤخذون ويقتلون. وعليه ، فالجملة خبريّة. وانظر هل من مانع أن تكون الجملة دعائيّة كقوله (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [التوبة : ٩٨] و [الفتح : ٦] ، وقوله : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة : ١] ، كأنه قيل : أخذهم الله. أي أهلكهم وقتلهم أبلغ قتل وأشدّه. ولم أر أحدا تعرّض له. وقد أفاد ابن عطية ، أن كل ما كان بلفظ الدعاء من الله تعالى ، فإنما هو بمعنى إيجاب الشيء. لأن الله لا يدعو على مخلوقاته وهي في قبضته ، أي لاستحالة حقيقة الدعاء وهو الطلب من الغير.
الثالث ـ في (الإكليل) : في الآية تحريم الأذى بالإرجاف. وأخرج ابن أبي حاتم عن السّدّيّ في قوله : (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هم قوم كانوا يجلسون على الطريق ، يكابرون المرأة مكابرة. فنزلت فيهم الآية إلى قوله : (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) قال : هذا حكم في القرآن ، ليس يعمل به ، لو أن رجلا أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة فغلبوها على نفسها ففجروا بها ، كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم ، أن يؤخذوا فتضرب أعناقهم. انتهى.
وهذا وقوف مع وجه تحتمله الآية. كما قدمنا. على أن للحاكم أن يفعل ذلك ، إذا رأى في ذلك مصلحة ودرء مفسدة. على قاعدة رعاية المصالح التي هي أم الباب. كما بسط ذلك النجم الطوفيّ في (رسالته) وأيدناه بما علقناه عليها.
الرابع ـ كتب الناصر في (الانتصاف) على قول الكشاف في قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) أي زمنا قليلا ريثما يرتحلون ويتلقطون أنفسهم وعيالاتهم ، ما مثاله : فيها إشارة إلى أن من توجه عليه إخلاء منزل مملوك للغير بوجه شرعيّ ، يمهل ريثما ينتقل بنفسه ومتاعه وعياله برهة من الزمان حتى يتحصل له منزل آخر ، على حسب الاجتهاد. انتهى.