القول في تأويل قوله تعالى :
(ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٣)
(ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا) عطف على محذوف معلوم من السياق ، كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا المرسلة إليهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا ، كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) أي من كل شدة وعذاب. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٤)
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) إنما أوثر الخطاب باسم الجنس ـ أعني الناس ـ مصدرا بحرف التنبيه ، تعميما للتبليغ ، وإظهارا لكمال العناية بشأن ما بلغ إليهم. وعبر عما هم فيه من القطع بالشك ، للإيذان بأنه أقصى ما يمكن خطوره ، وإلا فإن وضوح صحته ، وبرهان حقّيته أوضح من الشمس في رائعة النهار. وقدّم ترك عبادة الغير على عبادته تعالى ، إيذانا بمخالفتهم من أول الأمر. وفي تخصيص التوفي بالذكر ، متعلقا بهم ـ ما لا يخفى من التهديد ، إذ لا شيء أشد عليهم من الموت. (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي بأعلى مراتب التوحيد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٥)
(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) أي مائلا عن الأديان الباطلة.
لطيفتان :
الأولى : إقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية إلى عبادته تعالى ، والإعراض عما سواه ، فإن من أراد أن ينظر إلى شيء نظر استقصاء ، يقيم وجهه في مقابلته ، بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، إذ لو التفت بطلت المقابلة ، فلذا كني به عن صرف العمل بالكلية إلى الدين ، فالمراد بالوجه الذات. أي : اصرف ذاتك وكليتك للدين ، فاللام صلة.