(يُذَبِّحُونَ) [البقرة : ٤٩] ، وفي الأعراف : (يَقْتُلُونَ) [الأعراف : ١٤١] ، بدونها. والقصة واحدة ـ بأنه حيث طرح الواو قصد تفسير العذاب وبيانه ، فلم يعطف لما بينهما من كمال الاتصال. وحيث عطف ـ كما هنا ـ لم يقصد ذلك. والعذاب ، إن كان المراد منه الجنس ، فالتذبيح ، لكونه أشدّ أنواعه ، عطف عليه عطف جبريل على الملائكة ، تنبيها على أنه لشدته كأنه ليس من ذلك الجنس. وإن كان المراد به غيره ، كاسترقاقهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة ، فهما متغايران والمحلّ محلّ العطف. وجوّز أيضا كون العطف هنا للتفسير وكأن التفسير وكأن التفسير ـ لكونه أوفى بالمراد وأظهر ـ بمنزلة المغاير فلذا عطف.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٧)
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) أي : آذن وأعلم إعلاما بليغا ـ من جملة ما قال موسى لقومه (لَئِنْ شَكَرْتُمْ) أي : نعمه ، بصرفها إلى ما خلقت له. كالعقل إلى تصحيح الاعتقاد فيه واستعمال سائر النعم بمقتضاه (لَأَزِيدَنَّكُمْ) أي : من النعم (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) فيصيبكم منه ما يسلب تلك النعم ويحل أشدّ النقم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٨)
(وَقالَ مُوسى) أي : لقومه (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) أي : غني عن شكر عباده ، المحمود بأجلّ المحامد. وإن كفره من كفره. وهو تعليل لما حذف من جواب (إن) أي : إن تكفروا لم يرجع وباله إلّا عليكم. فإن الله لغنيّ عن شكر الشاكرين.
وفي (صحيح مسلم) (١) عن أبي ذرّ ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يرويه عن ربه عزّ
__________________
(١) أخرجه مسلم في : البرّ والصلة والآداب ، ١٥ ـ باب تحريم الظلم ، حديث رقم ٥٥ من حديث طويل عظيم جدّا فاقرأه.