السادس ـ دلت الآية ، كالحديثين ، على جواز الصلاة على غير الأنبياء استقلالا ، قال الرازي : روى الكعبي في (تفسيره) أن عليّا رضي الله عنه قال لعمر رضي الله عنه وهو مسجّى : عليك الصلاة والسلام. ومن الناس من أنكر ذلك
ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لا تنبغي الصلاة من أحد على أحد ، إلا في حق النبيّ صلىاللهعليهوسلم. ثم قال الرازيّ : إن أصحابنا يمنعون من ذكر (صلوات الله عليه) ، و (عليه الصلاة والسلام) ، إلا في حق الرسول ، والشيعة يذكرونه في عليّ وأولاده ، واحتجوا بأن نص القرآن دل على جوازه فيمن يؤدي الزكاة ، فكيف يمنع في حق عليّ والحسن والحسين عليهم رضوان الله؟ قال : ورأيت بعضهم قال : أليس أن الرجل إذا قال : سلام عليكم ، يقال له : وعليكم السلام ، فدل هذا على أن ذكر هذا اللفظ جائز في حق جمهور المسلمين ، فأولى آل البيت ـ انتهى ـ.
وأقول : إن المنع من ذلك أدبي لا شرعي ، لأنه صار ، في العرف ، دعاء خاصا به صلىاللهعليهوسلم ، وشعارا له ، كالعلم بالغلبة ، فغيره لا يطلق عليه ، إلا تبعية له ، أدبا لفظيا.
السابع ـ قال الرازي : في سر كون صلاته عليهالسلام سكنا لهم : أن روح محمد عليهالسلام كانت روحا قوية مشرقة صافية باهرة ، فإذا دعا لهم وذكرهم بالخير ، فاضت آثار من قوته الروحانية على أرواحهم ، فأشرقت بهذا السبب أرواحهم ، وصفت أسرارهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١٠٤)
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل منهما يحطّ الذنوب ويمحصها ويمحقها ، وإخبار بأن كل من تاب إليه ، تاب عليه. ومن تصدق ، تقبل منه.
تنبيهات :
الأول ـ الضمير في (يَعْلَمُوا) للمتوب عليهم. فيكون ذكر قبول توبتهم ، مع أنه تقدم ما يشير إليه ، تحقيقا لما سبق من قبول توبتهم ، وتطهير الصدقة وتزكيتها لهم ، وتقريرا لذلك ، وتوطينا لقلوبهم ببيان أن المتولي لقبول توبتهم ، وأخذ صدقاتهم هو الله سبحانه ، وإن أسند الأخذ والتطهير والتزكية إليه ، صلىاللهعليهوسلم.