والسنة (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) أي وأحق بجهل حدود الدين ، وما أنزل الله من الشرائع والأحكام (وَاللهُ عَلِيمٌ) أي يعلم حال كل أحد من أهل الوبر والمدر (حَكِيمٌ) أي فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم ، مخطئهم ومصيبهم ، من عقابه وثوابه.
لطائف :
الأولى ـ قال الشهاب : العرب ، هذا الجيل المعروف مطلقا ، والأعراب سكان البادية منهم ، فهو أعم. وقيل : العرب سكان المدن والقرى ، والأعراب سكان البادية من العرب ، أو مواليهم ، فهما متباينان ، ويفرق بين جمعه وواحده بالياء فيهما.
الثانية ـ ما ذكر في الآية من أجدرية جهل الأعراب من بعدهم عن سماع الشرائع ، وملابسة أهل الحق ، يشير إلى ذم سكان البادية ، وهو يطابق ما رواه الإمام أحمد ، (١) ، وأصحاب السنن ، عن ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من سكن البادية جفا وتتمته : ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن. وقوله صلىاللهعليهوسلم (٢) : إن الجفاء والقسوة في الفدادين. قال ثعلب : الفدادون أصحاب الوبر ، لغلظ أصواتهم ، وهم أصحاب البادية ويقال : من صحب الفدادين ، فلا دنيا نال ولا دين. مأخوذ من (الفديد) وهو رفع الصوت أو شدته.
قال ابن كثير : ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي ، لم يبعث الله منهم رسولا ، وإنما كانت البعثة من أهل القرى ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) [يوسف : ١٠٩]. ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فردّ عليه أضعافها حتى رضي قال : لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري أو دوسي ، لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن : مكة والطائف والمدينة واليمن ، فهم ألطف أخلاقا من الأعراب ، لما في طباع الأعراب من الجفاء.
الثالثة ـ روي الأعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١ / ٣٥٧ والحديث رقم ٣٣٦٢.
وأخرجه أبو داود في : الأضاحي ، ٢٤ ـ باب في اتباع الصيد ، حديث رقم ٢٨٥٩.
وأخرجه الترمذي في : الفتن ، ٦٩ ـ باب حدثنا محمد بن بشار.
وأخرجه النسائي في : الصيد ، ٢٤ ـ باب اتباع الصيد.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ، ٢ / ٢٥٨.