يومئذ شأن يغنيه. لا ينظر الرجال إلى النساء ، ولا النساء إلى الرجال ، شغل بعضهم عن بعض.
(وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) ما تفضلنا به عليكم في الدنيا ، فشغلتم به عن الآخرة من الأموال والأولاد والخدم والخول (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) يعني : في الدنيا ، ولم تحملوا منه نقيرا. كناية عن كونهم لم يصرفوه إلى ما يفيد في الآخرة.
وقد ثبت في الصحيح (١) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يقول ابن آدم : مالي! مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت؟ وزاد في رواية : وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس.
(وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) أي : لله في الربوبية ، واستحقاق العبادة ، (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) قرئ بالرفع. أي : شملكم. فإن البين من الأضداد ، يستعمل للوصل والفصل. وبالنصب على إضمار الفاعل ، لدلالة ما قبله عليه. أي : تقطع الأمر ، أو الاشتراك ، أو وصلكم بينكم. أو على إقامته مقام موصوفه والأصل : لقد تقطع ما بينكم ، وقد قريء به. أي : تقطع ما بينكم من الأسباب والوصلات.
(وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي : ذهب عنكم ما زعمتم من رجاء الأنداد والأصنام ، كقوله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا ، كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ ، وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [البقرة : ١٦٦ ـ ١٦٧]. وقال تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) [المؤمنون : ١٠١]. (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥] والآيات في هذا كثيرة جدا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٩٥)
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) شروع في بعض مبدعاته الدالة على كمال قدرته ،
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الزهد والرقائق ، حديث ٣ و ٤ عن عبد الله بن الشخّير.