المهايمي ـ. (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) حتى قال بعضكم : سأنزل مثل ما أنزل الله.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٩٤)
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا) أي : للحساب والجزاء (فُرادى) أي : منفردين عن الأموال والأولاد ، وما أثرتموه من الدنيا. أو عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم. و (فرادى) جمع فريد ، كأسير وأسارى.
(كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي : مشبهين ابتداء خلقكم ، حفاة عراة غرلا (يعني قلفا).
روى الشيخان (١) عن ابن عباس قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بموعظة فقال : أيها الناس! إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا ، (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ).
ورويا (٢) أيضا عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تحشرون حفاة عراة غرلا. قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله! الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال : الأمر أشد من أن يهمهم ذلك.
وروى الطبري بسنده عن عائشة أنها قرأت قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فقالت : يا رسول الله! وا سوأتاه! إن الرجال والنساء يحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لكل امرئ منهم
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الأنبياء ، ٨ ـ باب قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) ، حديث ١٥٨٥ ونصه : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال «إنكم محشورن حفاة عراة غزلا» ثم قرأ : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ). «وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم. وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي! أصحابي! فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول ، كما قال العبد الصالح : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) ـ إلى قوله : (الْحَكِيمُ)».
وأخرجه مسلم في : الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، حديث ٥٨.
(٢) أخرجه البخاري في : الرقاق ، ٤٥ ـ باب كيف الحشر ، حديث ٢٤٥١.
وأخرجه مسلم في : الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، حديث ٥٦.