أي : في الاعتقادات والأخلاق والأعمال ، فجعلت لهم هذه الفضائل أيضا ، ولحقت إبراهيم ، فازداد ارتفاع درجاته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٨٨)
(ذلِكَ هُدَى اللهِ) إشارة إلى ما دانوا به ، (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا) أي : هؤلاء مع عظمتهم (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الأعمال المرضية. فكيف بمن عداهم؟
قال ابن كثير : فيه تشديد لأمر الشرك ، وتغليظ لشأنه ، وتعظيم لملابسته ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ..) [الزمر : ٦٥]. وهذا شرط ، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع كقوله : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) [الزخرف : ٨١]. وكقوله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) [الأنبياء : ١٧]. وكقوله : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ، سُبْحانَهُ ، هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [الزمر : ٤].
القول في تأويل قوله تعالى :
(أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)(٨٩)
(أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين من الأنبياء الثمانية عشر ، والمعطوفين عليهم ، باعتبار اتصافهم بما ذكر من الهداية وغيرها. (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) أي : جنس الكتاب المتحقق في ضمن أي فرد كان من أفراد الكتب السماوية. والمراد ب (إيتائه)؟ التفهيم التام بما فيه من الحقائق. والتمكين من الإحاطة بالجلائل والدقائق ، أعمّ من أن يكون ذلك بالإنزال ابتداء ، أو بالإيراث بقاء. فإن المذكورين لم ينزل على كل واحد منهم كتاب معيّن ـ أفاده أبو السعود ـ.
(وَالْحُكْمَ) أي : الحكمة ، أو فصل الأمر على ما يقتضيه الحق والصواب ، (وَالنُّبُوَّةَ) قال البيضاوي وأبو السعود : أي الرسالة. قال الخفاجي : النبوة وإن كانت