التأنيث ، ليستدرجهم. إذ لو حقر بوجه ما كان سببا لعدم إصغائهم ـ وعلى الأخير اقتصر المهايميّ ـ فقال : لم يؤنثه لئلا يعارض عظمته نقص الأنوثة ، ولو غير حقيقية ، وهي وإن كانت في الواقع لم يأت بها لفظا ، لأنه قصد بذلك مساعدة الخصم أولا.
وقوله تعالى : (هذا أَكْبَرُ) أي : أكبر الكواكب جرما ، وأعظمها قوة ، فهو أولى بالإلهية. وفيه تأكيد لما رامه عليه الصلاة والسلام من إظهار النصفة ، مع إشارة خفية إلى فساد دينهم من جهة أخرى ، ببيان أن الأكبر أحق بالربوبية من الأصغر.
(فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ) صادعا بالحق : (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) أي من الأجرام المحدثة المتغيرة من حالة إلى أخرى ، أو من إشراككم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(٧٩)
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) أي : وجهت قلبي وروحي في المحبة والعبادة ، بل جعلته مسلما (لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) أي : مائلا عن الأديان الباطلة ، والعقائد الزائغة ، (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
وفي هذا المقام :
مباحث :
الأول ـ توسع المفسرون هنا في قوله : (هذا رَبِّي).
فمن قائل بأن المتكلم بهذا آزر ، وأنه لما قال ذلك ، قال إبراهيم (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ).
وقيل : إنه إبراهيم. وكان ذلك في حال الطفولية ، قبل استحكام النظر في معرفة الله تعالى لقوله : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي) ... إلخ.
وقيل : بعد بلوغه وتكريمه بالرسالة. إلا أنه أراد الاستفهام الإنكاريّ ، توبيخا لقومه ، فحذف الهمزة ، ومثله كثير.
وقيل : على إضمار القول أي : يقولون هذا ربي ، وإضمار القول كثير.
وقيل : المعنى في زعمكم واعتقادكم.