الصفات. كما روى الشيخان (١) وأهل السنن وابن مردويه وهذا لفظه : عن أنس بن مالك ؛ أن ناسا من عرينة قدموا المدينة فاجتووها. فبعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها ففعلوا فصحّوا ، فارتدّوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي وساقوا الإبل. فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آثارهم ، فجيء بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمل أعينهم وألقاهم في الحرّة. قال أنس : فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا ، حتى ماتوا. ونزلت : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) .. الآية. ولمسلم (٢) عن أنس قال : إنما سمل النبيّ صلىاللهعليهوسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء. وعند البخاريّ : قال أبو قلابة (٣) : فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله.
الثانية ـ زعم بعضهم أن الآية نزلت نسخا لعقوبة العرنيين المتقدمة.
قال ابن جرير (٤) : حدثنا عليّ بن سهل ، حدثنا الوليد بن مسلم قال : ذاكرت الليث بن سعد : ما كان سمل النبيّ صلىاللهعليهوسلم أعينهم وتركه حسمهم حتى ماتوا. فقال : سمعت محمد بن عجلان يقول : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم معاتبة في ذلك. وعلّمه عقوبة مثلهم من القطع والقتل والنفي ، ولم يسمل بعدهم غيرهم. قال : وكان هذا القول ذكر لأبي عمرو ـ بعني الأوزاعيّ ـ فأنكر أن تكون نزلت معاتبة ، وقال : بلى. كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم. ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممّن حارب بعدهم. فرفع عنهم السمل. وروى (٥) ابن جرير أيضا في القصة عن
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الوضوء ، ٦٦ ـ باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ، حديث ١٧٣.
وأخرجه مسلم في : القسامة ، حديث ٩ ـ ١٤.
(٢) أخرجه مسلم في : القسامة ، حديث ١٤.
(٣) أخرجه البخاريّ في : الوضوء ، ٦٦ ـ باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ، حديث ١٧٣.
(٤) الأثر رقم ١١٨١٨ من التفسير.
(٥) الأثر رقم ١١٨١٠ من التفسير ونصه : عن عبد الكريم وسئل عن أبوال الإبل فقال : حدثني سعيد ابن جبير عن المحاربين فقال : كان ناس أتوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : نبايعك على الإسلام. فبايعوه ، وهم كذبة ، وليس الإسلام يريدون. ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم «هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح ، فاشربوا من أبوالها وألبانها». قال ، فبينما هم كذلك ، إذ جاء الصريخ ، فصرخ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : قتلوا الراعي وساقوا النّعم. فأمر نبيّ الله فنودي في الناس : أن «يا خيل الله اركبي» قال ، فركبوا ، لا ينتظر فارس فارسا. قال : فركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أثرهم. فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم. فرجع صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أسروا منهم ، فأتوا بهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ... الآية. قال فكان نفيهم أن نفوهم ـ