أحملكم عليه ، فولّوا وهم يبكون ، وعزّ عليهم أن يحبسوا ولا يجدون نفقة ولا
محملا للجهاد ، فأنزل الله (وَلا عَلَى الَّذِينَ
لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ..) فسمّوا «البكّائين» ، وهم سبعة من بطون شتى : سالم بن
عمير ، وعلبة بن زيد ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ، وعمرو بن الحمام ، وعبد الله
بن المغفل المزنى ، وهرمى بن عبد الله ، وعرباض بن سارية. وهناك أسماء أخرى بخلاف
هؤلاء. وقيل : الآية نزلت فى أبى موسى وأصحابه ، وقيل : فى عبد الله بن المغفل
المزنى ، وقيل : فى عرباض بن سارية ، وقيل : فى عائذ بن عمرو. وقيل : فى بنى مقرّن
ـ وهو الصحيح ، وكانوا سبعة إخوة ، كلهم صحبوا النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وليس فى الصحابة سبعة إخوة غيرهم ، وهم : النعمان ،
ومعقل ، وعقيل ، وسويد ، وسنان ، وسابع لم يسمّ.
٣٥ ـ وفى قوله
تعالى : (وَمِنَ الْأَعْرابِ
مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ
عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ
اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩) : قيل : المراد بنو مقرّن من مزينة.
٣٦ ـ وفى قوله
تعالى : (وَآخَرُونَ
اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ
أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٠٢) : قيل : نزلت الآية فى أبى لبابة الأنصارى فى شأنه مع بنى قريظة ،
وذلك أنهم كلموه فى النزول على حكم الله ورسوله ، فأشار إليهم ألا يفعلوا لأنهم إن
فعلوا فهو الذبح ، فلما افتضح تاب وندم ، وربط نفسه فى سارية من سوارى المسجد ،
وأقسم ألا يطعم ولا يشرب حتى يعفو الله عنه أو يموت ، فمكث كذلك حتى عفا الله عنه.
وقيل : نزلت فى عشرة تخلّفوا عن غزوة تبوك ، فربطوا أنفسهم مثل أبى لبابة فى سوارى
المسجد ، وعرضوا ليعفو عنهم أن ينزلوا عن كل مالهم ، فنزلت الآية (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ
لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١٠٣) (التوبة) ، ورضى منهم بالثلث وكان كفّارة الذنوب التى أصابوها. والآية
وإن كانت نزلت فى الأعراب فهى عامة إلى يوم القيامة فيمن له أعمال صالحة وسيئة.
٣٧ ـ وفى قوله
تعالى : (خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١٠٣) : قيل : نزلت الآية فيمن تخلّفوا عن غزوة تبوك فأخذ منهم ثلث أموالهم
كفارة عما فعلوه من ذنوب.
٣٨ ـ وفى قوله
تعالى : (وَآخَرُونَ
مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ
وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠٦) : قيل : نزلت فى الثلاث الذين تاب الله عليهم : كعب بن مالك ، وهلال
بن أمية من بنى وافق ، ومرارة بن الربيع ، وقيل ابن ربعى العمرى ، وكانوا قد
تخلّفوا عن تبوك ، وكانوا مياسرة ، فكان أمرهم عند المؤمنين على الرجاء ، لأنه ليس
للعباد إلا ذلك ولا أكثر. والمرجون من أرجأته أى أخّرته ، ومنه قيل المرجئة لأنهم
أخّروا العمل.