تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (٧) (المزمل) : السبح : هو الجرى والدوران ، ومنه السابح فى الماء لحركته فيه ، يعنى أنك فى النهار لك شغل كثير ، فالنهار للمعاش ، وأما الليل فاجعله لعبادتك ؛ وإن فاتك من صلاة الليل شىء ، فلك فى النهار فراغ الاستدراك. وقوله : (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) (٣) (النازعات) هى الملائكة ، تسبح فى نزولها وصعودها ، أو هى الخيل الغزاة تجرى فى نشاط وهمّة ، أو النجوم تسبح فى أفلاكها ، وكذا الشمس والقمر : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٤٠) (يس) ؛ والسفن تسبح فى الماء ، وأرواح المؤمنين تسبح شوقا إلى لقاء الله ، والجميع يفعل ذلك بأمر الله وإذنه. وقوله : (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) (٢٦) (الإنسان) : يعنى صلاة التطوع فى الليل ، وكل تسبيح فى القرآن فهو صلاة ، وقيل التسبيح هو الذكر المطلق ، سواء كان فى الصلاة أو فى غيرها ، كقوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩) (الطور) يعنى التسبيح كلما نقوم من مجلس فنقول : سبحان الله وبحمده ، أو سبحانك اللهم وبحمدك ؛ أو هو التسبيح حين القيام للصلاة ، تقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا». وقيل : التسبيح هو ذكر الله باللسان حين القيام من الفراش إلى دخول صلاة الفجر ، ومنه حديث النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «من تعارّ فى الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شىء قدير ، والحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لى ، أو دعا ، استجيب له ، فإن توضأ وصلّى قبلت صلاته» أخرجه البخارى. وتعارّ فى الليل : هبّ من نومه. وكان صلىاللهعليهوسلم إذا قام من الليل سبّح الله فقال : «اللهم لك الحمد ، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد ، أنت قيّوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد ، أنت ربّ السموات والأرض ومن فيهن. أنت الحق ، ووعدك الحق ، وقولك الحق ، ولقاؤك الحق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق. اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لى ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدّم وأنت المؤخّر ، لا إله إلا أنت ، ولا إله غيرك» أخرجه البخارى. وفى تسبيحات الصلاة قولان ، أحدهما أن نقول : «سبحان ربّى العظيم» فى الركوع ، و «سبحان ربّى الأعلى» فى السجود ؛ والثانى : أن نقول مع التوجّه فى الصلاة ، «سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك». ومعنى التوجّه أن نقول كما قال علىّ بن أبى طالب : «وجّهت وجهى» الحديث. ولمّا سأل أبو بكر الرسول سبحة يقولها ، قال له : «قل اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لى مغفرة من عندك ، وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم». وأما قوله تعالى : (وَسَخَّرْنا مَعَ