قعودا ، أو على جنوبكم ، أو على أى وضع تكونون ، واذكروه فى مشيكم أو عدوكم ، والذكر صلاة. أو أن الذكر فى الآية هو الصلاة المكتوبة وقد اشتملت على الأذكار المفروضة والمسنونة ، فإذا صليتم صلاة الخوف ، ثم بعد ذلك اطمأننتم وأمنتم ، فأقيموا الصلاة بأركانها دون تقصير ، وبكمال هيئتها وعددها ، والسبب كما تقول الآية : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣) (النساء) ، أى موقّتة بأوقاتها المفروضة. والصحيح أن الذكر فى الحروب يأتى قبل صلاة الخوف وبعدها ، تسلية للمؤمن ، ورفعا لروحه المعنوية ، وتثبيتا لإيمانه ، وتقوية لقلبه ، وبثا لشجاعته.
* * *
١٩٦٤ ـ الذكر بالطاعة
الذكر : هو التنبّه بالقلب المذكور والتيقّظ له ، وسمى الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبى ، فلما كثر إطلاق الذكر على القول اللسانى صار هو السابق للفهم ، وفى الآية : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (١٥٢) (البقرة) : أن الذكر هو طاعته تعالى ، فيذكرهم بالثواب والمغفرة ، ومن لم يطع الله لم يذكره وإن أكثر التسبيح والتهليل ، وفى الحديث : «من أطاع الله فقد ذكر الله ، وإن أقلّ صلاته وصومه وصنيعه للخير ، ومن عصى الله فقد نسى الله ، وإن كثّر صلاته وصومه وصنيعه للخير» ، وفى الحديث كذلك : «أنا مع عبدى إن هو ذكرنى ، وتحرّكت بى شفتاه».
* * *
١٩٦٥ ـ التسبيح لله تعالى
التسبيح لله : هو تنزيهه عمّا يصفه به المشركون ، كقولهم أنه اتخذ ولدا ، أو أن له البنات ، كقوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ) (٥٧) (النحل) ، وقولهم : (اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦) (الأنبياء) وأما تنزيهه فكقولهم : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) (البقرة ٣٢) ، أى تنزيها لله عن أن يعلم الغيب أحد سواه ، وكقوله : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) (الروم) ، والخطاب فى الآية للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحضّ على الصلاة فى هذه الأوقات : الصبح والمساء ؛ وقوله : وحين تصبحون : هى صلاة الفجر ؛ وحين تمسون : هى صلاة العصر ، والتسبيح هو حقيقة هذه الصلوات ، ولذلك سمّيت هذه الصلوات بالتسبيح أو التسابيح ، ولهذه التسمية وجهان : أحدهما : لما تضمنته من تسابيح فى الركوع والسجود ، والثانى : مأخوذ من السبحة ، والسبحة هى الصلاة ، ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : «تكون لهم سبحة يوم القيامة» أى صلاة. وفى قوله