فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ، ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لوقت كل صلاة.
* * *
١٨١٤ ـ ما يحلّ من المرأة فى المحيض؟
فى قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢٢٢) (البقرة) ، سمّى الحيض «أذى» لنتنه وقذره ونجاسته ، ولأن المرأة تتأذّى به فسيولوجيا ونفسيا ، ويتأذّى غيرها برائحته. والأذى كناية عن القذر على الجملة. والمعنى فى الآية : أن المحيض أذى ، يعتزل من المرأة موضعه ، ولا يتعدّى ذلك إلى بقية بدنها. ومعنى اعتزالهن ترك مجامعتهن. وفهم البعض الاعتزال كاعتزال اليهود للنساء فى المحيض ، فلا يؤاكلوهن ولا يلمسوهن إذا حضن ، وعموم الآية يقتضى هذا النهى فعلا ، إلا أن السنّة بخلافه ، وفى الحديث : «أن للرجل من زوجته ما فوق الإزار» ، ولما سأله أحدهم : ما يحلّ لى من امرأتى وهى حائض؟ قال : «لتشدّ عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها» ، وقال لعائشة حين حاضت : «شدّى على نفسك إزارك ثم عودى إلى مضجعك» ، وقال : «اصنعوا كل شىء إلا النكاح». وسئلت عائشة عما يحلّ من المرأة لزوجها وهى حائض ، فقالت : «كل شىء إلا الفرج». فما ذا لو أتى أحدهم امرأته وهى حائض؟ قيل : عليه كفارة ؛ وقيل : استغفار وتصدّق بنصف دينار أو دينار.
وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ، أى لا تجامعوهن حتى يطهرن ، والطّهر الاغتسال بالماء ، وبه يحلّ جماع الحائض الذى ذهب عنها الدم ؛ وطهر الحائض كطهر الجنب ، وإذا لم تجد ماء تيممت فتحلّ لزوجها وإن لم تغتسل. وليس عليها نقض شعرها ، وفى الحديث عن أم سلمة قال لها الرسول صلىاللهعليهوسلم : «يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» ، وفى رواية سألته : أفأنقضه (تقصد شعرها) للحيضة والجنابة؟ فقال : «لا».
وقوله تعالى : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) ، يعنى فجامعوهن فى الوجه الذى أذن لكم فيه ، أى فى القبل ، بشرط أن يكون ذلك فى غير صوم ، ولا إحرام ، ولا اعتكاف. وقوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) أى الذين اعتدوا من قبل ذلك وجامعوا من غير طهر دون قصد وتابوا ، وصاروا بعد هذه الآية يتطهرون.