وتستحكم به البغضاء ، والآية (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (٢٢٨) (البقرة) من أعدل الصياغات القانونية فى تشريعات الأحوال الشخصية ، وفيها كافة الموازنات بين الحقوق والواجبات للجنسين ، ويفسّرها الحديث عن جابر عن الرسول صلىاللهعليهوسلم فى خطبة الوداع ، قال : «فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله» ، وتقتضى التقوى والأمانة أن تكون المعاشرة بالحسنى ، وأن تستهدى إرضاء الطرفين ، وأن تسترشد بكلمة الله التى هى التقوى ، وتقوى الله فى النساء بينها الحديث عن ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى ، ولما نزلت آية التخيير : (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨) (الأحزاب) فكان فيها أن المعاشرة بالاختيار لا الغصب. وفى الآية (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٢٢٩) (البقرة) يدور الاختيار بين الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان ، وكان الناس يعتسفون ويجورون على النساء ، فقد لا يطلقها البتة ويدعها كالمعلقة ، لا هى أيّم ، ولا هى ذات زوج ، أو قد يطلقها فإذا شارفت العدّة على الانتهاء راجعها بلا استئذان ، فرفع الله ذلك الغبن ، وأبطل هذا الظلم ، ووقّت الطلاق ثلاثا لا غير ، فإن كانت طلقتها واحدة أو اثنتين ، كان له الخيار فى عدّتها بين أن يستبقيها زوجة أو يسرّحها ، وشرطه الإمساك بالمعروف ، والتسريح بالإحسان ، وكان ذلك أمرا على المتّقين. والخيار عماد الإسلام ، والرسول صلىاللهعليهوسلم برواية أبى موسى انتقد على المسلمين استهانتهم بأوامر الله فقال : «ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ، يقول أحدهم : قد طلقتك ـ قد راجعتك ـ قد طلقتك». واشترط الله لضبط هذه الفوضى «إرادة الإصلاح» من الزوجين ، فلا رجاع للمطلقة إلا إذا انعقدت إرادتهما على إصلاح ما فات ، ولا تنعقد إرادة المرأة على الرجاع إلا إذا كان لها الخيار فيها ، والرضا والقبول به ، وعماد الرجاع الآية : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة ٢٢٨) ، فساوى الله تعالى بين الحقوق والواجبات ، فإن ضمن الرجاع هذه الحقوق وقابلها بالواجبات ، فالرجاع جائز. والتشريع الإسلامى فى ذلك فى القمة. والرجاع فى اليهودية ، وليس للزوجين أن يتراجعا لو تزوجت المرأة بآخر بعد طلاقها ثم طلقت من الآخر ، لأن زواجها بالآخر يدنّسها ، فهكذا جاء فى التوراة (تثنية الاشتراع ٢٤ / ٤) فحرّم كتبة التوراة وحلّلوا ما ليس فى مصلحة الناس. ولا رجاع فى النصرانية ، لأنه لا طلاق أصلا إلا للزنا. والتشريع الإسلامى فى حدود النصوص حافل بالمعانى ، ويحتمل أشرف المقاصد وأنبل الغايات ، ويا ليت تشريعات البلاد الإسلامية تأخذ ينصّ ما جاء به كتاب الله وسنّة نبيّه وتترك القوانين الوضعية ، وإذن