لاستقامت مجتمعاتنا وانصلحت أحوال عائلاتنا ، وكنا للناس أئمة ، وآلت إلينا مقاليد الحضارات. ولله الحمد والمنّة!
* * *
١٧٧٦ ـ الصلح خير
الصلح الحقيقى الذى تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف خير على الإطلاق ، وفى مجال الأسرة الصلح ضرورة ، والقرآن يدين المرأة الناشز والرجل الناشز على السواء ، والنشوز هو المخالفة والخروج على الحق ، ونشوز الرجل أكبر فى نتائجه وأخطر ، لأنه عماد الأسرة وقدوتها ومثالها الأعلى ، وفى الآية : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١٢٨) (النساء) : أن الصلح على أى وضع ـ بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة وروح الإسلام ـ فإنه خير. وفى الحديث عن البغضة قال صلىاللهعليهوسلم : «إنها الحالقة» ، أى القاضية التى تقضى على كل شىء فتحلقه كحلاقة الشعر ، وهى تحلق الدين والدنيا معا ، فهذه هى البغضة : وهم الذين لا يصدرون فيما يقولون ويفعلون إلا عن البغض الشديد. وفى الحديث والآية ، تحذير للنساء وللرجال أن يطاوعوا أنفسهم على أن يبغضوا أزواجهم وزوجاتهن ، كقوله تعالى : (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (١٩) (النساء) ؛ والشّح فى الآية الأسبق ، أكثر ما يصيب الرجال ، ولا يكون فى الأموال فقط فيبخل الرجل على امرأته وأسرته ، ولكنه يكون أيضا فى الدين ، كقوله : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٩) (الحشر) ، والشح المقصود هو الذى يصير إلى حيز منع الحقوق الشرعية ، أو منع الحقوق التى تقتضيها المروءة ، فهذا الذى تحذّر منه ، والخطاب فيها للأزواج من حيث أن الزوج يمكن أن يشح ، وأن يتّقى الله فى عشرة زوجته ، فلا يظلمها ولا يجور عليها.
* * *
١٧٧٧ ـ نفقة السنة للمتوفى عنها زوجها
عدّة المتوفى عنها زوجها : أربعة أشهر وعشر ، تعتدّها عند أهل زوجها ، ولها أن تبقى معهم تساكنهم بقية السنة ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) (٢٤٠) (البقرة) فإن شاءت ساكنتهم سبعة أشهر أخرى وعشرين ليلة ، وليس لأولياء الميت إخراجها ، فإذا كان البيت من الميراث فلها فيه بحكم الشرع ، فلا يخرجها من بيتها