القوامة ، كقوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) (النساء ٣٤) ، يقومون عليهن بالقسط ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) (النساء ٣٥) ، وهو معنى الحديث «وأنصفهم من نفسك» ، أى أن قوامة الرجال أساسها العدل ، فلا يحيدون عنه يمينا ولا شمالا ، ولا يصرفهم عنه صارف ، ويراعون الله فى معاملاتهم لزوجاتهم ، إشهادا لله فى عدلهم معهن ، يبتغون به وجه الله ، ويشهدون على أنفسهم معهن بالحق ولو عاد ضرر عدلهم عليهم. فأى عظمة فى التشريع ، وأى بعد عن الدنيّة والظلم! وقوامة الرجال فى الإسلام يتحقق بها للمرأة الكرامة ، وترفع من شأنها كل الرفعة ، وحسبنا الله فى المرجّفين والمتأوّلين على الإسلام ، ولله الحمد والمنّة.
* * *
١٧١٨ ـ فى معنى قوله «أعدى عدوك زوجتك
فى الحديث عند الديلمى ، عن أبى مالك الأشعرى ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أعدى عدوّك زوجتك التى تضاجعك وما ملكت يمينك» ، مثل الحديث الآخر عند الطبرانى عن حذيفة : «إن فى مال الرجل فتنة ، وفى زوجته فتنة وولده» ، كما فى قوله تعالى : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (الأنفال ٢٨) ، أى اختبار وامتحان لكم ، والزوجة التى يمتحن بها الرجل هى غير الصالحة ، لا يأمنها على عرضه ، ولا على ماله وبيته وأولاده ، وتصرفه عن التقوى بكثرة المطالبات والمشاحنات ، ويسلط لسانها عليه ، وقد تمتد يده إلى الحرام بسببها ، ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الحديث الآخر عن أنس : «لو لا المرأة لدخل الرجل الجنة» ، يقصد بالمرأة الزوجة التى تسيء عشرة رجلها ، وضرب الله مثلا لها بامرأة نوح ، وامرأة لوط ، قال : (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) (التحريم ١٠) ، أى لم تكونا على وفاق معهما ، وكانتا كثيرتى المشاحنة والمنابذة ، واستهزأتا بدعوتيهما. وعلى عكسهما كانت امرأة فرعون التى ضرب الله بها المثل فى التقوى والصبر ، وكان زوجها شديد الإساءة إليها ، فكانت تدعو : (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) (التحريم ١١) تتبرأ من عتوّه وظلمه. وإذن فالمرأة كالرجل سواء بسواء ، ومن الممكن أن يسوء سلوكها مع زوجها ، كما يمكن أن يسوء سلوك الرجل مع زوجته ، والحديث يتحدث مباشرة لمجتمع الرجال ، عن الزوجة غير الصالحة ، كامرأتى نوح ولوط ، ولمجتمع النساء ضمنا عن الزوج غير الصالح كفرعون. وفى إنجيل متّى معنى كهذا المعنى أيضا ، يقول المسيح : «وأعداء الإنسان أهل بيته» (الفصل ١٥ ـ ٢٦).
* * *