١٧١٩ ـ لا تدعو للعروسين بالرفاء والبنين
كان الدعاء للعروسين بالرفاء والبنين فى الجاهلية ، فلما جاء الإسلام علّمنا النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «قولوا بارك الله لكم ، وبارك فيكم ، وبارك عليكم». وعن عقيل بن أبى طالب أنه قدم البصرة فتزوج امرأة ، فقالوا له : بالرفاء والبنين ، فقال : لا تقولوا هكذا ، وقولوا ما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اللهم بارك لهم وبارك عليهم». ودعاء «بالرفاء والبنين» كان مشهورا فى الجاهلية ، وما يزال الناس يأخذون به حتى اليوم ، وكان يسمى الترفئة ، تقول رفأت العروسين يعنى هنّأتهما وطلبت لهما الخير ، وأن يجتمعا دائما فى خير. والرفاء بمعنى الالتئام ، من رفأت الثوب ، ورفوته رفوا ورفاء. والرفاء للزوجين : هو إذن أن تتمنى لهما الالتئام والائتلاف ، ولكنه فى إطار التمنّى والتفاؤل وليس من باب الدعاء ، وكراهيته فى الإسلام هو لأنك بقولك بالرفاء والبنين تطلب للزوجين أن يوفّقا ويرزقا بالأولاد الذكور دون الإناث ، وفى ذلك جاهلية غير منكورة ، وإنما دعاء الرسول صلىاللهعليهوسلم فيه توجّه إلى الله ، واستنزال للبركة منه تعالى على العروسين. وفى حديث جابر عند ما سأله الرسول صلىاللهعليهوسلم عن زواجه ، فقال له إنه تزوج ثيبا لأسباب ذكرها ، دعا له فقال : «بارك الله لك». وأما حديث معاذ بن جبل عن زواج الأنصارى ودعاء الرسول له بقوله : «على الألفة والخير والبركة والطير الميمون والسعة فى الرزق» فهو حديث سنده ضعيف ولم يثبت ، والأغلب أنه مما كان يقول الأنصار للأزواج قبل إسلامهم ، وكانوا ما يزالون يرددونه فى الإسلام. ومن ذلك أيضا قول نسوة الأنصار لعائشة وأمها عند ما بنى الرسول صلىاللهعليهوسلم بعائشة : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر». ومنه أيضا غناء النسوة «فحيّونا نحيّيكم» ، فلما سمعه الرسول صلىاللهعليهوسلم قال لهن : قلن : «حيّانا الله وحيّاكم». والمقصود دائما بتربية الرسول للمسلمين والمسلمات بهذه التربية ، أن يكون شكرهم لله ، واستعانتهم بالله ، ودعاؤهم إلى الله ، وأن يدأبوا على ذلك فيلازمهم هذا السلوك ويصبح عادة راسخة فيهم ، وهذا ما يميز المسلم ، وهو سمت الإسلام فى كلام المسلمين : أن يذكروا الله دائما.
* * *
١٧٢٠ ـ الزواج أولا ثم الحج
أيهما الأولى : أن تحجّ أو أن تتزوج؟ حسم ذلك النبىّ صلىاللهعليهوسلم عند ما قال : «غزا نبىّ صلىاللهعليهوسلم من الأنبياء فقال لقومه : لا يتبعنى رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى بها» ، وقوله : «ملك بضع امرأة» ، يعنى خطبها ، و «الغزو» الجهاد ، و «البناء بها» الدخول بها. ومفاد الحديث : أنه ليس لك ان تجاهد فى سبيل الله وأنت لم تتزوج بعد ، والحديث يفيد كذلك الردّ على عامة الناس الذين يقدّمون الحج على الزواج ، ظنا منهم أن التعفّف يتأكد بالحج