من زوجاته ، وينهى أن يسجد إنسان لإنسان. وفى الأحاديث عن «الرسول صلىاللهعليهوسلم فى بيته» : أنه كان فى خدمة أهله ، وفى السيرة أنه ما ضرب أيا من زوجاته ، ولا رفع صوته على إحداهن ، ولا طلب من أيهن عسرا ، وكان يهش فى وجوههن ، ويبتسم ويدعو لهن ، وكان يخدم نفسه ، ولم يبد التأفّف يوما من طعام ، ولم يقبّح الوجه ، ولم يسبّ. والمرأة المؤمنة تطيع رجلها ، أى لا تتعاند مطالبها مع مطالبه ، ولا تنشز عليه ، أى لا تتكبر ولا تتجبّر ، ولا تفحش معه فى قول ، ولا تعتدى عليه فى فعل ، وتكون أمينة على بيته وماله وعياله ، وتستأذنه فيما يعنّ لها ، والاستئذان مشورة ونصح ، وتحفظه فى شرفه ، ولا تحمّله ما لا يطيق ، وإذا دعاها لبّت لأنها تحبه وتميل إليه نفسها ، فتحسن معاشرته ، وتقول له معروفا ، وهذا كله حق الزوج على زوجته ، ومثله حقّ الزوجة على زوجها ، فعليه أن يحترمها ، ولا يسيء فهمها ، ولا يتعالى عليها ، ويحسن إليها ويكرمها. وفى الحديث عن أبى داود وأحمد عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جدّه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ائت حرثك أنّى شئت ، وأطعمها إذا طعمت ، واكسها إذا اكتسيت ، ولا تقبّح الوجه ، ولا تضرب» ، فبمثل ذلك تجود نفس المرأة أن تطيع زوجها ، وأن تلبى دعوته لها ولو كان على ظهر بعير!
* * *
١٧١٧ ـ ما معنى الوصية : لا تضع عصاك عن أهلك؟
الحديث عند ابن جرير عن عبادة بن الصامت قال : أوصانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «لا تضع عصاك عن أهلك ، وأنصفهم من نفسك» ، فيه شقّان ، والثانى يفسّر الأول ، وقوله «لا تضع عصاك عن أهلك» يعنى الزم الحزم مع أهل بيتك ، ومن ذلك الزوجة ، وإن لم يصرّح ، ورفع العصا هو المقابل لوضعها ، وكأنه يقول ارفع عليهم العصا وهددهم بها ، وهو كناية عن أخذ الأهل ـ ومنهم الزوجة ـ بالشدّة ، وفى المثل : «الناس عبيد العصا» ، أى يهابون الشديد الحازم ، ويقال «راع صلب العصا» وضده «راع ليّن العصا» ، والصلابة واللين سياسة الحكيم ، ومن يرفع العصا عليه أن يلزم العدل فلا يبغى ولا يظلم ، ولذا كان الشطر الثانى من الحديث فى قوله وأنصفهم من نفسك ، أى إذا جرت عليهم فعليك النصفة حتى ولو كان ذلك من نفسك ، والنصفة هى العدل ، وهى مطلوبة من الزوجين فيتعادلان فلا يجور أحدهما على الآخر ، فللزوجة حقوق وواجبات ، وللزوج مثلهما ، وسياسة الأسرة هى مراعاة ذلك ، عملا بالآية : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (البقرة ٢٢٨) ، والمعروف : هو الحاكم الضابط فى اقتضاء الحقوق وفرض الواجبات ، وبالنظر لفضل الرجال ، واحتمالهم الإنفاق فلهم درجة على النساء ، وهذه الدرجة هى