لو آمن الكتابى أو الكتابية ، وإيمانه الذى يجيز الزواج منه هو بوحدانية الله وبنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن يصلى ، ويصوم ، ويزكّى ، ويحجّ ما استطاع ، وقد صادق الرسول صلىاللهعليهوسلم على هذا المعيار ، فمن شهد بذلك وفعله فقد حقّ أن نزوّجه ، ولو أنه غير مستحسن ؛ وقد أقرّ بذلك علم الاجتماع وعلم النفس معا ، باعتبار أن لكل فرد «إطاره المرجعى» الذى يسلك بمقتضاه فى حياته ، فإذا تزوج الرجل أو تزوجت المرأة بمن يختلف معها أو معه فى إطاره أو إطارها المرجعى ، تصادم معه أو معها ، ولم يقم التوافق بينهما ، ولا زواج أصلا إلا بالتوافق ، فهو لحمة الزواج وسداه ؛ وفيما أخرجه النسائى فإن أم سليم خطبها طلحة ولم يكن مسلما ، فقالت له : والله ما مثلك يردّ ، ولكنك كافر وأنا مسلمة ، ولا يحلّ لى أن أتزوجك ، فإن تسلم فذاك مهرى ولا أسألك غيره ، فأسلم طلحة ، فكان الإسلام هو صداق ما بينهما.
* * *
١٦٨٤ ـ زواج المسلم من الكتابية جائز
يحلّ للمسلم أن يتزوج الكتابية من اليهود أو النصارى ، بقول الله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) (المائدة ٥). ولمّا نزلت هذه الآية أقبل الناس على الزواج من نساء أهل الكتاب ، وتزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى واليهود ولم يجدوا فى ذلك بأسا. وأهل الكتاب بخلاف المشركين ، بدليل الآية : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة ١) فتمايز بالآية ما بينهما ، وظاهر العطف بين اللفظتين فيها يقتضى المغايرة بينهما. وكما نعرف ، تزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم صفية اليهودية ، وكانت سريته ريحانة يهودية ، ومارية القبطية ـ أى المصرية كانت نصرانية ، وتزوج عثمان بن عفان : نائلة بنت الفرافصة الكلبية ، وكانت نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية من أهل المدائن. ولمّا سئل جابر عن نكاح اليهودية والنصرانية قال : تزوجنا بهن زمن الفتح مع سعد بن أبى وقّاص ، غير أن الزواج باليهوديات والنصارى وإن كان جائزا إلّا أنه مكروه ، فلا يؤمن على المسلم أن يميل إلى زوجته ودينها ويفتن عن دينه ، فإن كانت حربية فالمصيبة أكبر ، والحربية : هى التى بين المسلمين وأهل بلدها حرب قائمة وإن لم تكن معلنة وصريحة. والحرب من شأنها أن توغر الصدور ، وتعمّق الكراهية ، وتزيد النفرة ، وتحضّ على الأذى ، فينال المسلم منها ومن قومها ـ إن ساكنهم ـ ما يكره ، أو قد ينالها منه ومن قومه ما تكره ، فلا يستقيم الزواج ، وتسوء العشرة ، وقد يكون المسلم معايشا للكتابية فى بلدها ، فيعامله أهلها معاملة الأقلية ، وتتسيّد زوجته عليه وتستكبر وتستعلى ، وفى علم النفس : أن