والوضيمة : وهى طعام المأتم (سميت كذلك لأن الطعام يوضع فيها على وضم أى مائدة) ؛ والمأدبة لما يتّخذ بلا سبب ، فإن كانت لقوم مخصوصين فهى النقرى ؛ وإن كانت عامة فهى الجفلى. وقيل الوليمة خاصة فقط باحتفال الدخول على العروس ، فأما الاحتفال بالعقد عليها أو بخطبتها فهو الشندخ. وهناك غير هذه الولائم السابقة الحذاق وهى احتفال يجرى ابتهاجا بحذق الولد أو البنت لصنعة ، ومن ذلك أن يختم القرآن ويحذق تلاوته ؛ والخرس ، والإعذار ، والتوكير : وأنت فى إجابتها بالخيار. وكل ذلك من تقاليد الماضى وعاداته ؛ وأما وليمة العرس أو الإملاك ، فهى كما فى الحديث عن أبى هريرة : «الوليمة حقّ وسنّة». ومن السنة أن تجاب الوليمة. وليست لها مدة ، فعن حفصة بنت سيرين أن أباها لمّا تزوج دعا الصحابة سبعة أيام ، وفى الحديث عند عبد الرزاق : ثمانية أيام ، وفى حديث أبى داود والنسائى بطريق قتادة أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «الوليمة أول يوم حقّ ، والثانى معروف ، والثالث رياء وسمعة» ، وعنه صلىاللهعليهوسلم : «إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليجب». وفى الحديث عن أنس : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم أقام على صفية ثلاثة أيام حتى أعرس بها ؛ وفى الحديث عن ابن مسعود أخرجه الترمذى : «طعام أول يوم حقّ ، وطعام يوم الثانى حقّ ، وطعام يوم الثالث سمعة» ؛ وعن ابن عباس عن النبىّ قال : «طعام فى العرس يوم سنّة ، وطعام يومين فضل ، وطعام ثلاثة أيام رياء وسمعة» ، فالإجابة إذن فى اليوم الثالث مكروهة إذا كان المدعوون فى اليوم الثالث هم أنفسهم المدعوون فى اليوم الأول. وفى الحديث عن أبى موسى عن النبىّ قال : «فكّوا العانى ، وأجيبوا الداعى ، وعودوا المريض» وعن البراء بن عازب قال : أمرنا النبىّ صلىاللهعليهوسلم بسبع ونهانا عن سبع ، وإجابة الداعى هى سابع ما أمرنا به». غير أن الوليمة للعرس لأكثر من يوم إسراف والله لا يحب المسرفين.
وشرط إجابة الوليمة : أن لا تكون الدعوة إليها مقتصرة على الأغنياء دون الفقراء ، وعن أبى هريرة قال : «شر الطعام الوليمة ، يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله». وعن ابن عباس قال : «بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الشبعان ويحبس عنها الجيعان.» والمراد بطعام الوليمة وليمة العرس ، وإتيانها حق ، وكان ابن عمر يجيب دعوة وليمة العرس صائما ومفطرا ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليدع وليشتغل بالصلاة ليحصل له فضلها ، ويحصل لأهل البيت والحاضرين بركتها. والمفطر ولو حضر لم يجب عليه الأكل ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم ، وإن شاء ترك».
* * *