بالذى كنت تقولين» ، رواه البخارى. وفى الحديث أن ضرب الدفّ يشرع فى الزواج وعند ابن ماجة من طريق خالد المدنى قال : «كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجوارى يضربن بالدفّ ويتغنين». فشرع ضرب الدفّ فى أى احتفال. وقوله صلىاللهعليهوسلم للمنشدة «دعى هذه» أى دعى مدحى ، والمدح المنهى عنه هو الذى يتضمن الإطراء والمبالغة التى تفضى إلى الغلو. وعن عائشة كما جاء عند الطبرانى : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم مرّ بنساء من الأنصار فى عرس لهن يغنين:
وأهدى لها كبشا تنحنح فى المربد |
|
وزوجك فى البادى وتعلم ما فى غد |
قصدوا بقولهن «تعلم ما فى غد» مدح النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «لا يعلم ما فى غد إلّا الله». وفى هذا الحديث إعلان الزواج بالدف وبالغناء المباح ؛ وفيه : الإقبال على العرس من الفضلاء ، وإن كان فيه لهو لا يخرج عن حدّ المباح ؛ وفيه : جواز المدح للحاضرين ، ما لم يخرج المدح إلى ما ليس فى هؤلاء الحاضرين. والرسول صلىاللهعليهوسلم بشر ، ولا يعرف الغيب كما امتدحوه ، وكيف يعرف الغيب والله تعالى يقول : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (النمل ٦٥)؟ ويقول لنبيه (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) (الأعراف ١٨٨) ، والاحتفال بالعرس يكون فى حدود الوسع ، والله تعالى يقول : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) (البقرة ٢٣٣). وأخرج النسائى عن قرظة بن كعب وابن مسعود الأنصاريين : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم رخّص لنا (أى للمسلمين) فى اللهو عند العرس. وعند الطبرانى من حديث السائب بن بريد عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : قيل له : أترخّص فى هذا؟ قال : «نعم ، إنه نكاح لا سفاح! أشيعوا النكاح». وعند أحمد فى حديث عبد الله بن الزبير قال : «أعلنوا النكاح» وزادت عائشة : «واضربوا عليه بالدفّ».
* * *
١٦٥٨ ـ المنكر فى أفراح العرس
أفراح العرس قد يداخلها المنكر ، كتقديم الخمر ، أو الراقصات العراة ، أو أىّ مما نهى الله ورسوله عنه. وحضور الأفراح كهذه قد يفسّر على أنه رضا بالمنكر ، ولا بأس أن يزيل المسلم المحرّم من حفل العرس ويستبعده لو كان ذلك فى مقدوره ، وإن لم يكن فى مقدوره فليرجع. وإذا كان بالعرس لهو مما اختلف فيه فيجوز الحضور ، والأولى الترك ، وإن كان به محرّمات كالخمر وجب الترك ، أو ترفع الخمر بحضور المدعو وإلا ترك ، وقيل يحضر وينكر بحسب قدرته ، وإن لم يقدر على منعهم فليخرج. والرضا بالحضور أصلا إنما كالرضا بالمنكر ، فإن كان قد حضر ولم يعلم بأن الفرح سيكون به منكر أو محرّم فلينههم ، كقوله تعالى : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) (الأعراف ١٥٧) ، فإن لم ينتهوا