من عمرها ، وأكبرهن سودة بنت زمعة فى نحو الخمسين ، وكلهن ثيّبات. ومن المحتمل أن زينب بنت جحش طلقها زيد بن حارثة ولم تمكّنه من أن يدخل عليها ، وتزوجها الرسول صلىاللهعليهوسلم بكرا ولكنها كانت كبيرة فى السن. وفى القرآن : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (الطلاق ٤) جعل الله تعالى عدّتهن ثلاثة أشهر قبل البلوغ ، فدلّ على أن نكاحها قبل البلوغ جائز ، ولكن ليس فى الآية تخصيص بذلك ، وربما المعنى ينصرف إلى خطبتها وليس إلى الدخول بها ، والأب على كل حال لا يزوّج ابنته البكر الصغيرة حتى تبلغ وتستأذن ، والزواج يشترط له المكلّف العاقل ، ولا تكليف إلا بالبلوغ ، والشرع مع القول بأن البلوغ فى البنات يتأكد من سن السادسة عشرة وليس أقل من ذلك وهو أمر معقول ومناسب جدا.
* * *
١٦٤٩ ـ لا زواج للأنثى إلا برضاها
يروى البخارى بطريق أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تنكح الأيّم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن» ، وعلى ذلك فالثيب لا يزوّجها الأب ولا من يحل محله ، إلّا برضاها ، والبكر البالغ لا يجبرها الأب على الزواج إذا امتنعت. والأيم فى الحديث : هى الثيب التى فارقت زوجها بموت أو طلاق. وقد تطلق الأيم على من لا زوج لها أصلا. والاستئمار هو طلب الأمر ، بمعنى أنه لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها. وقوله : «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا البكر حتى تستأذن» ، تمييز بين الأيم والبكر ، فعبّر للأيم بالاستئمار ، وللبكر بالاستئذان ، والاستئمار يدل على تأكيد المشاورة مع الأيم ، ويجعل الأمر إلى المستأمرة ، والولى لهذا يحتاج إلى صريح إذنها فى العقد ، فإذا صرحت بمنعه امتنع. والبكر قد يكون إذنها سكوتها كما فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «رضاها صمتها» ، إلا أن بلوغها سن الزواج يسمح لها أن لا تستحى أن تفصح عن رأيها. وبناتنا اليوم لا يزوّجن إلا بعد السادسة عشرة ، وقيل الثامنة عشرة ، وللبنت أن لا تستحى أن تعلن رأيها ، ولا مجال لتزويج من تقل عن ذلك إلا بالتحايل. وفى زواج البكر تعلم أنها لو سكتت فإن ذلك يكون إذنا منها ، ولو قالت بعد العلم أنها ما علمت أن صمتها إذن ، يبطل العقد. ويمكن أن يقال لها قبل العقد : إن رضيت فاسكتى ، وإن كرهت فانطقى. وقد تظهر منها قرينة السخط بالبكاء ، أو قرينة الرضا بالتبسّم. وإذا نفرت ، أو بكت ، أو قامت ، أو ظهر منها ما يدل على الكراهة لم تزوّج. والزواج أصلا لا يجوز إلا لبالغ ، لأن البالغ هى التى تستأذن ، ولا معنى لاستئذان من لا تدرى ما الإذن ، ومتى يستوى سكوتها وسخطها. والاستئذان أو الاستئمار هو شرط فى صحة العقد ، ولا إجبار على البكر أو الثيب طالما أنها