على الناس فى الآية : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) (النساء ١٢٧) رغبتهم أن ينكحوا اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال ، فإذا افتقدت ذلك رغبوا عنها وأخذوا غيرها ، فعسى الجمال أن يصرف صاحبته عن الخلق ، وعسى المال أن يطغيها ، ولربما تكون اليتيمة المقلّة ، أو الأمة السوداء ، هى الأفضل إذا كانت ذات دين. وفى الحديث : «الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة» ، وصلاح المرأة يفسّره الحديث الآخر : «المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرّته ، وإذا غاب عنها حفظته ، وإذا أمرها أطاعته» ، والحديث : «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزوجل خيرا من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته ، وإن نظر إليها سرّته ، وإن أقسم عليها أبرّته ، وإن غاب عنها حفظته فى نفسها وماله» ، ومن أجل ذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «تخيّروا لنطفكم فإنّ العرق دسّاس» ، وقال : «إياكم وخضراء الدمن» ، قيل : يا رسول الله! وما خضراء الدمن؟ قال : «المرأة الحسناء فى المنبت السوء». ومهما قيل عن هذه الأحاديث أنها موضوعة أو ضعيفة ، فإنها وغيرها من أحاديث أخرى وقصص وروايات قوية الإسناد ، تلخّص وتنبّه إلى آداب اختيار الزوجة فى الإسلام ، وليس من ذلك شىء فى اليهودية ، سوى النهى عن زواج البغى ، وتحريم المطلّقة على الكهنة (الأحبار ٢١ / ٧) ، وفى المسيحية يوعظ باختيار الزوجة المطيعة والمحتشمة (بطرس : الرسالة الأولى (٣ / ١ ـ ٣). فافهم يا أخى المسلم ، وافهمى يا أختى المسلمة ، كم هو عظيم ما اختاره الله لنا من الدين ، والحمد لله ، وله المنّة.
* * *
١٦٣٨ ـ الطيّبات للطيّبين والطيّبون للطيّبات
الطيبات : هن العفائف ، يقول تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) (النور ٢٦) ، والخبيثات : هن الزوانى ، والآية مبنية على قوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (النور ٣) ، ومقصد هذه الآية الأخيرة تشنيع الزنى وتبشيع أمره ، وأنه محرّم على المؤمنين ، واتصال هذا المعنى بالآية «الخبيثات للخبيثين» حسن وبليغ ، فالزانى لا يطأ فى وقت زناه إلا زانية سواء من المسلمات ، أو من المشركات ، أى لا يكون زناه إلا بزانية مثله ، ومن ثم كان الزنا من جهتى الرجل والمرأة سواء. وفى الحديث : «لا ينكح الزانى المحدود إلا مثله» (والمحدود هو الذى حدّ على الزنا) ، فمن زنا بامرأة فهو الذى يمكن أن يتزوجها ، وهذا معنى «الخبيثات للخبيثين» ، وليس المراد بالآيتين أن الزانى أو الخبيث لا ينكح قط إلا زانية أو خبيثة ، فهو بالتأكيد يمكنه أن يتزوج غير زانية ، ولكن المعنى أن من تزوج بزانية فهو زان ، وكأنه قال : لا ينكح الزانية إلا زان ، فقلب المعنى ، وذلك أنه لا ينكح الزانية إلا وهو راض بزناها ، ولا يرضى بذلك إلا إذا كان هو أيضا زان.
* * *