زوجات خلاف عشر سرارى ، وكانت له زوجتان فى السبى ، وزوجة فى شيخوخته لم يقربها ، وأنجب تسعة عشر ولدا بخلاف أولاد السرارى ، وأنجب ابنته تمارا من زوجته الحيثية أم سليمان ، ولم يكن هو أول من اتخذ زوجة أجنبية ، فموسى تزوج حبشية ، وأما سليمان فكانت له سبعمائة زوجة وثلاثمائة سرية ، وفى الغالب فإن هذه الأرقام مبالغ فيها ، والعرب واليهود على السواء يحبون الأرقام مثل السبعة والسبعين ، والألف ، والثلاثمائة وهكذا. ومن زوجات سليمان أخت زوجة فرعون مصر ، وابنة فرعون مصر والواقع أنهما ما كانتا مصريتين ، بل هما من الجنس الأشورى الذى كان يحتل أرض جاسان من الدلتا ـ وهى محافظة الشرقية الآن ، ولفظة فرعون ليست مصرية. وقيل إن ابنة فرعون كانت هى الزوجة الأثيرة عنده ، كما كانت الحيثية هى الزوجة الأثيرة لأبيه داود. وأما إبراهيم فكانت زوجاته ثلاثا : سارة وهاجر وقطورة ، ولم تكن هاجر سرية ولا كالسرارى ، وابنها إسماعيل لم يكن كأبناء السرارى. وفى الحديث أن الزواج فريضة القادر. والزواج شرعة اليهود ، ولا حدود عندهم لعدد الزوجات ، وللرجل أن يطلّق ما يشاء ، وأن يراجعها بعقد جديد ما لم تتزوج بآخر. ودعت النصرانية إلى البتولة والرهبانية ، ومن لم يستطع «فالزواج خير من التحرّف» (بولس إلى أهل كورنتس ٧ / ٩).
* * *
١٦٣٤ ـ الزواج سكن
فى البدء خلق الله آدم ولم يكن غيره من البشر ، ومن آدم خلقت حواء ، لا من ضلع آدم كما يقول اليهود وإنما من نفسه ، أى من ذاته ، بمعنى من جوهره وهويته ، كقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٨٩) (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف) : والآية توجز قصة خلق البشر ، وقصة الإيمان : فآدم هو أبو البشر ، وكلهم من ذاته ، الذكور والإناث على السواء ، وحواء من ذاته وكذلك بنات جنسها ، وغاية المزاوجة فى الجنس : أن يسكن كل جنس إلى جنسه ، والسكن أنس وطمأنينة ، فلما تحقق السكن نفسيا كان السكن البدنى ، فأنتج الذرية ، والمرأة والرجل لا ينتجان إلا إذا كانت بينهما السكينة ، وهى المناخ النفسى والفيزيائى الذى بدونه لا صلاح للذرية ، وواو الجماعة فى قوله «دعوا الله» عائد على آدم وحوّاء ، ، إلا أن الدعاء يأتيه الأبناء كما يأتيه الآباء ، ورغبة الصلاح شاملة للجميع ، ولذا كان التعبير بواو الجماعة. ولأن الحمل كان فى جو من السكينة فإنه كان خفيفا ، والصلاح فى الذرية هو السوية فى التنشئة ، وشأن آدم وحواء شأن كل بنى البشر ، يدعون فى الشدة وينسون ربّهم