وكل الرسل بعثوا برسالة واحدة : أن يعبد الله. والنهى عن الاختصاء نهى تحريم بلا خلاف ، فلا يجوز فى بنى البشر ، لأنه تعذيب للنفس ، وتشويه للبدن ، وإدخال ضر يفضى إلى الهلاك ، وإبطال لمعنى الرجولة ، وتغيير لخلق الله ، وكفر بالنعمة. والرجل الذى يختار الاختصاء ، إنما يختار النقص على الكمال. ومن حديث ابن عباس عند الطبرانى : أن رجلا شكا إلى رسول الله العزوبة فقال : ألا أختصى؟ قال : «ليس منا من خصى أو اختصى».
* * *
١٦٢٧ ـ لعنته تعالى على الممتنع عن الزواج رهبانية
فى الحديث عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على رجل تحصّر ، ولا حصور بعد يحيى بن زكريا». رواه عطية بن بشر وأخرجه الديلمى. ونضيف : ولا حصور بعد المسيح ، لأن المسيح أتى بعد يحيى. والتحصّر : هو الإمساك عن الزواج رهبانية ، وكان النبىّ يحيى بن زكريا حصورا عصمه الله ، لا يأتى النساء ، ولا رغبة له فيهن ، وكذلك كان عيسى ابن مريم.
* * *
١٦٢٨ ـ الزواج سنة محمد والسنّة فطرة
فى الحديث عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من أحبّ فطرتى فليستن بسنّتى» ، رواه أبو يعلى عن ابن عباس. والزواج فطرة الله التى فطر الناس عليها (فاطر ١١) وكل ما خلقه الله جعل منه الذكر والأنثى (النجم ٤٥) ، وزواج بينهما ، فالنبات أزواج (يس ٣٦) ، والفواكه أزواج (الرعد : ٣) ، والأنعام أزواج (الشورى ١١) ، وكل شىء خلقه أزواجا (الذاريات ٤٩) والزوجية جعلها الله تعالى سكنا (الروم ٢١) ، وكل نفس خلق منها زوجها ، أى نظيرها ومثيلها وشبيهها. والزواج سنّة دعا إليها النبىّ صلىاللهعليهوسلم وأكد بها الفطرة ، وجعلها الله شرعة الإسلام.
* * *
١٦٢٩ ـ من كانت فترته إلى السنّة وتزوج فقد اهتدى
فى الحديث عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إن لكل عمل شرّة ، والشرّة إلى فترة ، ومن كانت فترته إلى سنّتى فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضلّ». رواه ابن عباس وأخرجه البزّار. يقصد : أن الجنس الذى هو فى فطرة الإنسان ، له وقت تزداد فيه شرّته أو حدّته ، والشّرّة تستنفد فترتها أو وقتها وزمانها وهو الشباب ، وشباب كل امرئ إلى انقضاء ، وشرّة الجنس مآلها إلى الأفول حتما ، فلنبتهل الفرصة ، ولنتحيّن الوقت ، ولنكن على الفطرة