النساء والنكاح ، ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء؟ فأنزل الله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) (الرعد ٣٨) ، والآية ترغّب فى النكاح وتحضّ عليه ، وتنهى عن التبتّل : وهو ترك النكاح. وفى الآية أن الزواج : «سنّة المرسلين». ومن سنّة الرسول صلىاللهعليهوسلم فى الزواج قوله : «تزوّجوا فإنى مكاثر بكم الأمم» ، وقال : «من تزوّج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله فى النصف الثانى». وكانت لسليمان وداود الزوجات والسرارى ؛ وتزوج موسى امرأتين ، وإبراهيم تزوّج امرأتين بخلاف السرارى ؛ ويعقوب كانت له زوجتان بخلاف السرارى ؛ وتزوج نوح ، ولوط ، وشعيب ، وإسحاق ، وهارون ، ولا نعرف ممن لم يتزوج من المرسلين إلا عيسى ويحيى ، وكانا حصورين ، أى لا يأتيان النساء.
* * *
١٦٢٥ ـ التبتل مكروه فى الإسلام
التبتّل : المراد به الانقطاع إلى العبادة عن النكاح وما يتبعه من الملاذ. وفى الحديث عن سعد بن أبى وقاص : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ردّ على عثمان بن مظعون التبتل. والتبتل : فى رأى البعض تحريم النساء ، والطيب ، وكل ما يلتذ به ، ولهذا أنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (المائدة ٨٧). والتبتل : خصاء نفسى وليس خصاء على الحقيقة ، وبعض المسلمين الأوائل فهموا التبتل أنه خصاء على الحقيقة. وفى حديث سعد السابق قال : ولو أجاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعثمان التبتل لاختصينا».
* * *
١٦٢٦ ـ الخصاء منهىّ عنه فى الإسلام
فى الحديث عن ابن مسعود فيما رواه البخارى قال : كنا نغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس لنا شىء ، فقلنا : ألا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك». والخصاء : هو الشق على الأنثيين ، أى الخصيتين ، وانتزاعهما. والذى يكره من التبتل السابق ليس تحريم التبتل من أصله ، وإنما نوع التبتل الذى يفضى إلى التنطّع حتى إمكان الاختصاء. والخصاء جائز فى الحيوان المأكول ، ولكنه غير جائز أن يمارسه المسلم على نفسه ، أو على غيره من البشر. وعند الطبرانى من حديث عثمان بن مظعون : أنه قال يا رسول الله إنى رجل تشق علىّ العزوبة ، فأذن لى فى الخصاء؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا ، ولكن عليك بالصيام». ومن طريق سعيد بن العاص ، أن عثمان بن مظعون قال : يا رسول الله ائذن لى فى الاختصاء؟ فقال له : «إن الله قد أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة.» والحكمة فى منع الاختصاء إرادة «تكثير النسل» عند المسلمين ، ليستمروا يجاهدون فى سبيل الله ، ولو أذن لهم فى الاختصاء لتواردوا عليه فينقطع النسل ، ويقل المسلمون بانقاطعه ، وتنتهى عبادة الله فى الأرض.